إذا فرضنا أن زيدا كان عالما ثم زال عنه العلم، وبعد ذلك ورد في الدليل (أكرم كل عالم) فشككنا في وجوب إكرام زيد لاحتمال كون المشتق موضوعا للأعم.
وأما في الموارد التي نشك فيها في بقاء الحكم بعد حدوثه وثبوته، فالمرجع فيه هو الاستصحاب كما إذا كان زيد عالما حينما أمر المولى بوجوب إكرام كل عالم، ثم بعد ذلك زال عنه العلم وأصبح جاهلا لسبب أو آخر، ففي مثل ذلك لا محالة يكون الشك في بقاء الحكم، لاحتمال كون المشتق موضوعا للأعم، فإذن يستصحب بقاؤه (1).
وقد علق على ذلك التفصيل السيد الأستاذ قدس سره، وأفاد أنه لا فرق بين الموارد التي يكون الشك فيها في حدوث الحكم من الأول والموارد التي يكون الشك فيها في بقاء الحكم بعد حدوثه، فإن المرجع في جميع هذه الموارد أصالة البراءة، أما في موارد الشك في حدوث التكليف فعدم جريانه فيها واضح، وأما في موارد الشك في البقاء، فبناء على ما قويناه في باب الاستصحاب من عدم جريانه في الشبهات الحكمية خلافا للمشهور فالأمر فيها أيضا كذلك، وأما على المسلك المشهور بين الأصحاب من جريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية، فالظاهر أنه لا يجري في المقام أيضا، وذلك لاختصاص جريانه بما إذا كان مفهوم اللفظ متعينا ومعلوما من حيث السعة والضيق وكان الشك متمحضا في سعة الحكم المجعول وضيقه، كالشك في بقاء حرمة وطء الحائض بعد انقطاع الدم وقبل الاغتسال، فإن المرجع فيه هو استصحاب بقاء الحرمة إلى أن تغتسل، أو الشك في بقاء نجاسة الماء المتغير بأحد أوصاف النجس بعد زوال تغيره في نفسه، أو في بقاء نجاسة الماء المتمم كرا بناء على نجاسة الماء القليل بالملاقاة، فإن المرجع في جميع