القول الثاني: أنه يقتضي التغاير بينهما مفهوما فحسب.
القول الثالث: أنه لا يقتضي التغاير بينهما أصلا لا وجودا ولا مفهوما.
أما القول الأول: فقد مال إليه صاحب الفصول قدس سره، ولذلك التزم في الصفات الذاتية العليا الجارية على ذاته تعالى بالنقل والتجوز، من جهة عدم المغايرة بين مبادئ تلك الصفات والذات في الخارج، فلا تعقل النسبة بينهما فيه (1).
ولكن لا يمكن المساعدة على هذا القول من وجوه:
الأول: أن المشتق لو كان موضوعا للذات المتلبسة بالمبدأ في الخارج، كان اللازم من ذلك أن يكون المدلول الوضعي له مدلولا تصديقيا، ولا يمكن الالتزام به إلا على القول بإن حقيقة الوضع هي التعهد، كما اختاره السيد الأستاذ قدس سره، وأما على سائر الأقوال في مسألة الوضع، فالمدلول الوضعي للفظ مدلول تصوري لا تصديقي.
الثاني: أن الألفاظ كما ذكرناه غير مرة لم توضع للموجودات الخارجية ولا للموجودات الذهنية، وإنما وضعت بإزاء طبيعي المعنى الذي قد يوجد في الذهن وقد يوجد في الخارج، فالوجود الخارجي كالوجود الذهني، فكما لا يمكن أن يكون تمام المعين الموضوع له، فكذلك لا يمكن أن يكون قيدا له.
الثالث: مع الاغماض عن ذلك إلا أن لازم وضع المشتق للموجود الخارجي أن لا يكون له مدلول وضعي عند كذب المتكلم كما إذا قال (زيد عالم) وهو ليس بعالم في الواقع، فإنه لا مدلول له وضعا حينئذ، لأن مدلوله الوضعي تلبس الذات بالمبدأ في الخارج، وهو غير متحقق إذا كان الكلام كاذبا، وهو كما ترى.