الجملة الفعلية كقولك (قام زيد) عن الجملة الاسمية المشتملة على الفعل كقولك (زيد قام)، لأن الفعل في الجملة الاسمية مشتمل على الذات بلحاظ الضمير فيه، ولهذا كان المتفاهم منه الذات المتلبسة بالمبدأ، بينما الفعل في الجملة الفعلية مشتمل على المادة والهيئة فحسب دون الذات، نعم إنها تدل عليها بالالتزام كما تقدم، فإذن وقوعه محكوما به فإنما هو بلحاظ اشتماله على الذات.
الثاني: أن الزمان غير مأخوذ في مدلول الفعل، لما عرفت من أن مدلوله نسبة المادة إلى فاعل ما، ولا يعتبر فيه وقوعه في الخارج في زمان، لأن موطنه عالم الذهن أو عالم الطلب والبعث، ومن هنا يظهر أن ما نسب إلى النحاة من دلالة الفعل على الزمان لا أصل له، لأن الفعل لم يوضع بإزاء النسبة الخارجية لكي يتوهم أنها تقع في زمان ما، مع أن وقوعها فيه لا يدل على أنه مأخوذ في مدلوله جزءا أو قيدا، بل لعله من باب أن كل زماني لا بد أن يقع في زمان، مع أن الزمان لو كان مأخوذا في مدلوله لكان مدلوله تصديقيا لا تصوريا، لأن معنى ذلك أنه موضوع بإزاء النسبة الخارجية لا الذهنية، والحال أن الأمر ليس كذلك، لما مر من أنه موضوع بإزاء واقع النسبة التي يكون الذهن ظرفا لنفسها لا لوجودها اللحاظي، لأنها بهذا الوجود معنى اسمي لا حرفي، كما أشرنا إليه سابقا، هذا تمام كلامنا حول وضع الأفعال وامتياز بعضها عن بعضها الآخر.
وأما الكلام في المقام الثاني وهو وضع المصادر، فلا شبهة في أن المصدر بما هو لا يكون مبدأ المشتقات، لأن المبدأ لها لا بد أن يكون ساريا في جميع أنواعها وأشكالها، بأن يكون خاليا ومجردا عن كل الخصوصيات لفظا ومعنى حتى يقبل أي صورة تطرأ عليه كالهيولي في الأشياء، بينما المصدر ليس كذلك، فإنه مشتمل على خصوصية لفظا ومعنى، أما لفظا فلأنه مشتمل على هيئة خاصة،