ما أفاده المحقق النائيني قدس سره من الوجوه الثلاثة لا يتم شئ منها.
الوجه الرابع: ما أفاده المحقق الدواني قدس سره من أنه لا شبهة في صحة إطلاق المشتق على المبدأ وحده كإطلاق الأبيض على البياض والموجود على الوجود ونحو ذلك، ومن هذا القبيل إطلاق العالم القادر على ذاته تعالى وتقدس، مع أن صفاته العليا الذاتية عين ذاته تعالى، ولا يعقل وجود ذات وراء تلك الصفات في عالم العين والخارج، وهذا دليل على عدم أخذ الذات في مفهوم المشتق، إذ لو كانت الذات مأخوذة فيه لم يصح إطلاقه في الموارد المذكورة إلا بالعناية والمجاز (1).
والجواب: أن هذا الوجه مبني على أن مفهوم المشتق لو كان مركبا من الذات والمبدأ، فلا بد أن تكون الذات مغايرة للمبدأ في الوجود الخارجي، وعلى هذا فالمشتق يدل على تلبس الذات بالمبدأ في عالم الخارج، ومن الواضح أن التلبس في عالم الخارج يقتضي الاثنينية فيه، كما أن التلبس في عالم الذهن يقتضي الاثنينية فيه، وعلى هذا فإذا كانت المغايرة معتبرة بين الذات والمبدأ في الخارج، فبطبيعة الحال يكون مدلول المشتق تلبس الذات بالمبدأ فيه، وحيث لا مغايرة بين الذات والمبدأ في الموارد المذكورة خارجا، فلا محالة يكون إطلاق المشتق في تلك الموارد بالعناية والمجاز. هذا، ولكن ذلك البناء غير صحيح، لأن التعدد والإثنينية المعتبر بين الذات والمبدأ إنما هو في عالم المفهوم والذهن، وهو موجود بينهما حتى في الموارد المذكورة، لأن الصفات الذاتية له تعالى كالعالم والقادر والحياة ونحوها وإن كانت مبادئها عين الذات خارجا إلا أنها مغايرة لها مفهوما، وهذه المغايرة تكفي في صحة إطلاقها