كلتا الجملتين معا.
وثالثا: أن النسبة الذهنية لا يعقل أن تحكي بنفسها عن النسبة الخارجية، لما تقدم من أنها مباينة لها من جهة أن المقومات الذاتية لها مباينة للمقومات الذاتية لتلك، ولهذا لا يعقل فناؤها فيها وحكايتها عنها بنفسها، فإذن ما أفاده قدس سره من أن الجملة الناقصة موضوعة بإزاء النسبة التي تحكي بنفسها لا يرجع إلى معنى محصل، إلا أن يكون مراده من ذلك الحكاية في ضمن حكاية أطرافها وبتبعها، ولكن في ذلك لا فرق بين النسبة في الجملة التامة والنسبة في الجملة الناقصة.
فالنتيجة: أن ما ذكره المحقق العراقي قدس سره من نكتة الفرق بين الجملتين لا يرجع إلى معنى محصل.
إلى هنا قد تبين أن الوجوه التي ذكرت لتمييز الجملة التامة عن الجملة الناقصة وصحة السكوت على الأولى دون الثانية، لا يتم شئ منها.
فالصحيح في المقام أن يقال: إنه لا فرق بين الجملتين في المدلول الوضعي، فإن كلتا الجملتين موضوعة للنسبة الواقعية الذهنية التي هي نسبة بالحمل الشائع ولا فرق بينهما من هذه الناحية، ولكن مع هذا يكون الفرق بينهما محفوظا، حيث إنه يصح السكوت على الجملة التامة، ولا يصح على الجملة الناقصة فيعامل معها معاملة المفرد وتجعل اما موضوعا في القضية أو محمولا فيها، بينما الجملة التامة مركبة من الموضوع والمحمول معا، وعلى هذا فلا بد من أن تكون هناك نكتة أخرى للفرق بينهما، وتلك النكتة متمثلة فيما يلي:
هو أن الغرض من احضار الجملة التامة في أفق الذهن إنما هو جعلها وسيلة لاصدار حكم تصديقي عليها في الخارج، ففي مثل قولك (زيد قائم) يكون الغرض من احضاره في الذهن إنما هو جعله وسيلة لاصدار الحكم بثبوت القيام