ظاهرة في أن الاطلاق يكون بلحاظ حال الاسناد والنسبة، فتحصل أنه لا بأس بالاستدلال على القول بأن المشتق موضوع للمتلبس خاصة بالتبادر لدى العرف العام.
الوجه الثاني: أنه لا شبهة في أن المرتكز في أعماق نفوس الانسان هو التضاد بين العناوين الاشتقاقية بما لها من المبادئ، ولا يمكن اجتماع اثنين منها في موضوع واحد، كالعالم والجاهل والمتحرك والساكن والمسافر والحاضر والفاسق والعادل والقائم والقاعد وهكذا، وارتكازية هذا التضاد تكشف عن وضع المشتق لخصوص المتلبس بالمبدأ بالفعل، إذ لو كان موضوعا للأعم لم يكن التضاد موجودا بينها، ويصدق حينئذ على شخص واحد عنوان العالم والجاهل معا في آن واحد حقيقة إذا كان جاهلا سابقا ثم صار عالما، وعنوان المتحرك والساكن معا على شئ واحد إذا كان متحركا سابقا والآن ساكن وهكذا، مع أن التضاد بينها ثابت ارتكازا.
ولكن لا يمكن أن يكون هذا الوجه وجها مستقلا في مقابل التبادر، بل مرده إليه في نهاية المطاف، حيث إنه لا منشأ للمضادة بين العناوين الاشتقاقية إلا تبادر المتلبس خاصة منها عند إطلاقها ارتكازا، إذ لا يحتمل أن تكون المضادة بينها ذاتية، فإن المضادة الذاتية إنما هي بين مبادئها دون نفس تلك العناوين، ومن هنا فالقائل بالأعم لا يقول بالمضادة بينها، وإنما يقول بها بين مبادئها فحسب كالعلم والجهل، لا العالم والجاهل، إذ لا مانع من صدقهما معا على شخص واحد في آن واحد، باعتبار أن صدقهما عليه لا يستلزم اجتماع مبدئهما فيه وهو العلم والجهل، وكذلك الحال في نظائرهما. أو فقل إن المعيار في صدق المشتق على القول بالأعم إنما هو بتلبس الذات بالمبدأ في الجملة وإن زال المبدأ