الذهن إليه عند إطلاقها مجردة عن القرينة وسماعها، فقد تحقق الوضع التعيني للأعم، فإذن يكون المتبادر فعلا من ألفاظ العبادات كالصلاة ونحوها في الكتاب والسنة عند المتشرعة وإن كان هو المعنى الأعم، ولكن لا يمكن أن يستكشف من ذلك وضعها للأعم في زمن الشارع، إذ كما يمكن ذلك أن يكون منشؤه حصول الوضع التعيني من كثرة الاستعمال بين المتشرعة رغم أنها موضوعة للصحيح في زمن الشارع، ولا معين للاحتمال الأول.
والجواب أن هذا التوهم لا أساس له، لأنه مبني على أن توسع الحاجة إلى استعمال ألفاظ العبادات في الأعم كان يصل من الكثرة بدرجة يصبح استعمالها في الصحيح نادرا، ولكن الأمر ليس كذلك جزما، فإنها لو كانت موضوعة بإزاء الصحيح كانت مستعملة فيه عند المتشرعة غالبا، والحاجة إلى استعمالها في الأعم وإن كانت تتفق في غير مورد، إلا أن توسعها ليس بدرجة يتطلب كثرة الاستعمال فيه بنحو توجب حصول العلاقة بينه وبين ألفاظ العبادات تعينا.
الوجه الثالث: قوله عليه السلام: (دعي الصلاة أيام أقرائك) (1) بتقريب أن صلاة الحائض بما أنها فاقدة للطهارة من الحدث فهي فاسدة، ومع ذلك أطلق عليها لفظ (الصلاة)، وظاهر الاطلاق أنه حقيقي، إذ لو كان مجازيا كان بحاجة إلى قرينة.
ويرد عليه أولا: أن الاطلاق أعم من الحقيقة ولا يدل عليها.
وثانيا: أن هذا النهي ليس نهيا حقيقيا، بل هو نهي إرشادي، ويكون مفاده الارشاد إلى مانعية حدث الحيض عن الصلاة، ولهذا تكون حرمتها عليها حرمة