حمل الشئ على نفسه (1). هذا، ويمكن المناقشة فيه بأن الاشكالات المتقدمة وإن لم ترد على هذا القول، إلا أنه لا يحل المشكلة فيما إذا كان المبدأ متحدا مع الذات وجودا ومفهوما معا، كما في مثل قولنا (الوجود موجود)، (البياض أبيض)، (الضوء مضئ) وهكذا، فإن المبدأ والذات معا في الموجود هو الوجود وفي المضئ الضوء وفي الأبيض البياض وهكذا بدون أية مغايرة بينهما، مع أن اطلاق المشتق في هذه الموارد حقيقي كإطلاقه في غيرها من الموارد، ولا فرق بين قولنا (زيد موجود) وقولنا (الوجود موجود)، فإن الموجود في كلا المثالين مستعمل في معنى واحد، وهذا دليل على أنه لا يعتبر في تلبس الذات بالمبدأ التغاير بينهما أصلا، هذا.
ولكن هذه المناقشة لا تخلو عن إشكال بل منع، إذ الظاهر أن المغايرة بينهما ثابتة مفهوما حتى في هذه الأمثلة كما سوف نشير إليه.
وأما القول الثالث: وهو أنه لا يعتبر في تلبس الذات بالمبدأ المغايرة بينهما لا وجودا ولا مفهوما، فقد اختاره السيد الأستاذ قدس سره، بتقريب أن المراد بالتلبس والقيام ليس قيام العرض بمعروضه وتلبسه به، وإلا لاختص البحث عن ذلك بالمشتقات التي تكون مبادئها من المقولات التسع، ولا يشمل ما كان المبدأ فيه من الاعتباريات أو الانتزاعيات أو كان عين الذات خارجا كما في الصفات العليا الذاتية لله تعالى، مع أن البحث عنه عام، بل المراد واجدية الذات للمبدأ في قبال فقدانها، وهي تختلف باختلاف الموارد، فمرة يكون الشئ واحدا لما هو مغاير له وجودا ومفهوما، كما هو الحال في غالب المشتقات، وأخرى يكون واجدا لما هو عينه خارجا وإن كان مغايرا له مفهوما، كواجدية ذاته تعالى لصفاته العليا