و (قتل) موضوعة لمعنى لا يقبل إلا الصدور من الفاعل، وفي مثل (المائت) و (مات) و (العالم) و (علم) موضوعة لمعنى لا يقبل إلا الحلول فيه.
وعلى هذا فلا مناص من الالتزام بالوضع النوعي في الهيئات، فإن هيئة الفاعل إذا كانت بجميع أصنافها مشتركة في معنى واحد، فلا موجب للوضع الشخصي لكل صنف، وحينئذ فبامكان الواضع أن يتصور الهيئة المنتزعة الجامعة بينها التي هي عنوان عام لها ثم يضع تلك الهيئات بسبب تصور واستحضار عنوانها العام في الذهن، فيكون المستحضر فيه النوع، والموضوع هو الشخص، وهذا هو المعيار العام للوضع النوعي.
إلى هنا قد انتهينا إلى هذه النتيجة، وهي أن الأظهر أن وضع جميع الهيئات نوعي بلا فرق بين الهيئات الأفرادية والجملية.
وأما الحروف وما يلحق بها فهل يكون وضعها نوعيا أو شخصيا؟
والجواب: أن هنا نظريتين: الأولى: أن وضعها نوعي، والثانية: أنه شخصي.
أما النظرية الأولى: فيمكن تقريبها بأنه ليس للحروف وضع مستقل، بل هي موضوعة بوضع ضمني أي في ضمن وضع الجملة، وقد تقدم أن وضع الجملة نوعي، على أساس أن أفراد الجملة تختلف من مورد إلى مورد آخر باختلاف موادها، وهي غير محصورة، فلا بد للواضع في مقام عملية الوضع من احضار عنوان عام جامع يشير به إلى كل جملة تتألف مثلا من الظرف والمظروف وحرف الظرفية كقولك (الصلاة في المسجد) و (زيد في الدار) وهكذا، ثم يضعها بإزاء معنى مناسب لها وهو واقع النسبة الظرفية، فيكون الموضوع في الحقيقة شخص كل جملة تتألف من هذه العناصر الثلاثة المستحضرة في الذهن