ومن ناحية أخرى، إن ما أفاده المحقق النائيني قدس سره من عدم ظهور الثمرة بين القولين في المسألة وإن كان صحيحا من هذه الجهة، إلا أنه غير صحيح من جهة تخصيص ذلك بخصوص النصوص الصادرة من الأئمة الأطهار عليهم السلام، إذ لا وجه لهذا التخصيص أصلا، فإن مراد الشارع من النصوص الشرعية، سواء كانت من الكتاب أو السنة معلوم أنه هو المعاني الشرعية ولا شك في ذلك، بلا فرق فيه بين النصوص الواردة من الأئمة الأطهار عليهم السلام والنصوص القرآنية والنبوية، إذ لا شبهة في أن نصوص القرآن مستعملة في المعاني الشرعية، وكذلك نصوص النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، كما هو الحال في نصوص الأئمة الأطهار عليهم السلام، هذا تمام كلامنا في وضع العبادات.
الحقيقة الشرعية في ألفاظ المعاملات وأما المعاملات فلا شبهة في أنها أمور عقلائية ثابتة بين العقلاء قبل الشرع، كما أنه لا شبهة في ثبوتها بنفس هذه الألفاظ الخاصة قبل الاسلام في المجتمع العربي في الجزيرة، إذ احتمال أنهم كانوا يستعملونها كنظام مالي في حياتهم الاقتصادية بألفاظ أخرى غير محتمل فيها وإن فرض احتماله في العبادات، على أساس أن من اعتنق من القبائل العربية إحدى الديانتين بحاجة إلى استعمال العبادات دون غيره، بينما المعاملات باعتبار أنها نظام مالي حياتي للمجتمع ككل، فجميع القبائل العربية هناك بحاجة إلى استعمالها بألفاظ عربية في مقام المفاهمة ونقل الأفكار بها إلى الآخرين، ومن هنا لا يكون طرح القرآن المعاملات بأسمائها الخاصة منذ بداية الوحي أمرا بدعا وغريبا لدى الناس ولغة جديدة لهم، بل هم كانوا يتلقون خطابات القرآن كالخطابات المتبادلة بينهم في