إلى هنا قد وصلنا إلى هذه النتيجة، وهي أن مدلول هيئة الفعل النسبة التامة بين المادة والذات المبهمة، ومدلول هيئة الجملة تعيين الذات المبهمة في فرد خاص، هذا.
ولكن قد اعترض على هذا المحقق العراقي قدس سره نقضا وحلا.
أنا نقضا ففي بعض الجمل الاسمية كجملة (زيد ضرب) مثلا، فإنها بلحاظ اشتمالها على هيئة الفعل كجملة (ضرب زيد)، وعلى هذا فلو كانت هيئة الفعل في جملة (ضرب زيد) موضوعة للنسبة التامة دون هيئة الجملة لكان الأمر كذلك في جملة (زيد ضرب) أيضا، لاشتراكهما في الاشتمال على هيئة الفعل مع أن الأمر فيها ليس كذلك (1).
وقد أجيب عن ذلك بأن الفرق بين الجملتين واضح، فإن الجملة الاسمية كجملة (زيد ضرب) مشتملة على نسبتين: الأولى النسبة بين المادة والضمير المستتر في الفعل، والثانية النسبة بين المبتدأ والجملة الفعلية، وهيئة الفعل تدل على النسبة الأولى، وهيئة الجملة تدل على النسبة الثانية، بينما الجملة الفعلية لا يمكن أن تكون مشتملة على نسبتين، وإلا لزم أحد محذورين، إما تقوم كل من النسبتين بعين ما تقومت به الأخرى، لأن المفروض أن المقومات الذاتية للنسبة في المقام واحدة، وهي المادة والفاعل، ولا يعقل تعدد النسبة بينهما، لأن تعددها إنما هو بتعدد المقومات الذاتية لها التي هي بمثابة الجنس والفصل، فإذا كانت واحدة استحال تعددها، وإما أن يكون إحداهما قائمة بطرف واحد، وهو غير معقول.