وعلى هذا ففي الجملة الاستفهامية، مثل قولك (هل زيد عالم) نسبتان:
الأولى بين زيد وعالم، الثانية بين مفهوم الاستفهام والجملة المستفهم عنها وهي جملة (زيد عالم)، وتدل الجملة الاستفهامية على النسبة الاستفهامية بتعدد الدال والمدلول، بأن يكون الدال على النسبة الأولى الجملة المدخول عليها الأداة والدال على النسبة الثانية الجملة الاستفهامية، وكذلك الحال في الجملة التمنية والترجية (1).
وقد يورد على هذا القول بإيرادين:
الأول: أن أحد طرفي النسبة في الكلام وهو الدال على مفهوم الاستفهام غير مذكور فيه، ولازم ذلك هو أن يكون الكلام على مستوى مدلوله اللفظي ناقصا، وعليه فلا يمكن أن يدل على هذه النسبة، إذ لو دل عليها، فبطبيعة الحال يدل على طرفيها الموجودين فيه، حيث إنه لا يعقل وجود النسبة بدون وجود طرفيها (2).
والجواب: أن مفهوم الاستفهام مفهوم ثانوي وليس مدلولا مطابقيا للفظ، فإن المدلول المطابقي للفظ هو المفهوم الذي يرد على الذهن من الخارج مباشرة دون المفهوم الثانوي، فإنه لم يرد على الذهن من الخارج كذلك، بل هو منتزع من المفهوم الأولي ولا موطن له إلا الذهن، ولا يكون مدلولا للفظ، وعلى هذا فلا تكون الجملة الاستفهامية ناقصة على مستوى مدلولها اللفظي، وذلك لأن كلمة (هل) في قولك (هل زيد عالم) تدل على النسبة المذكورة التي يكون أحد طرفيها مفهوم الاستفهام والطرف الآخر الجملة التامة المدخول عليها الأداة بعنوان المستفهم عنها، وعليه فطرفا النسبة الاستفهامية من المفاهيم الثانوية،