يكون، كما في مثل قولنا (أكرم العالم) و (لا تصل خلف الفاسق) وهكذا، فإنه لا يكون محمولا في مثل هذه الموارد مع أن استعماله فيها كاستعماله فيما إذا كان محمولا بلا فرق بينهما أصلا.
والخلاصة أن القول بأن المأخوذ في مفهوم المشتق الشئ لا يرجع إلى معنى محصل.
وأما الدعوى الثانية وهي أن المأخوذ في مدلول المشتق مفهوم الشئ المبهم من جميع الجهات والخصوصيات حتى من جهة خصوصية أنه عين المبدأ خارجا كما في صفات الباري عز وجل الذاتية، فيدل عليها أمران:
الأول: أن المتبادر من المشتق عند إطلاقه ارتكازا وفطرة هو تلبس الذات المبهمة بالمبدأ، فإذا قيل (زيد عالم) تمثل في النفس ذات مبهمة متلبسة بالعلم، وتنطبق في المثال على زيد، ومن الواضح أن هذا التبادر الارتكازي الموافق للفطرة في أعماق النفس دليل قطعي على أن مفهوم الشئ والذات المبهمة مأخوذ في مدلول المشتق وضعا، وحيث إنه مبهم من جميع الجهات حتى من جهة اتحاده مع المبدأ، فلهذا يصدق على الجميع من الجوهر والعرض والأمر الاعتباري والانتزاعي والزمان وما فوقه من الواجب تعالى وغيره على نسق واحد بدون لحاظ أية عناية في شئ منها.
الثاني: أنه لا شبهة في صحة حمل المشتق بما له من المعنى المرتكز في الذهن على الذات في الخارج، كقولنا (زيد عالم) و (الانسان ضاحك) وهكذا، ومن الواضح أنه لا يمكن تصحيح هذا الحمل بدون أخذ مفهوم الذات في مدلول المشتق، لأن المبدأ مغاير للذات مفهوما وعينا، وقد مر أن صحة الحمل ترتكز على ركيزتين: الأولى: اتحاد المحمول مع الموضوع في عالم الوجود، والثانية: