الخامسة: أن المضادة بين العناوين الاشتقاقية بعضها مع بعضها الآخر وإن كانت مرتكزة في الأذهان فطرة إلا أن منشأها إنما هو المضادة بين مبادئها ذاتا، إذ لا يمكن اجتماع العلم والجهل مثلا في شخص واحد، وأما انطباق عنواني العالم والجاهل على الشخص الذي كان عالما سابقا ثم صار جاهلا أمر ممكن، فإن القائل بوضع المشتق للأعم يقول بانطباق كلا العنوانين عليه في آن واحد حقيقة، نعم الذي لا يمكن هو اجتماع العلم والجهل فيه، فالاستدلال بالمضادة بينها يرجع في نهاية المطاف إلى الاستدلال بالتبادر، ولا يكون وجها آخر في مقابلة كما مر.
السادسة: أنه لا يصح الاستدلال على وضع المشتق للمتلبس خاصة بصحة السلب عن المنقضي، وذلك لما ذكرناه في بحث علائم الحقيقة والمجاز من المناقشة في كبرى أمارية صحة السلب وعدم صحته، وأما مع الاغماض عن ذلك فالاعتراض عليه - بأنه إن أريد بصحة السلب سلب المطلق فهو غير صحيح، وإن أريد بها سلب المقيد فهو ليس بعلامة - غير وارد، لأنه مبني على الخلط بين تقييد المادة وتقييد الوصف الاشتقاقي كما تقدم.
السابعة: أنه لا يصح الاستدلال على وضع المشتق للأعم بالتبادر، ولا بعدم صحة السلب، ولا بقوله تعالى: (لا ينال عهدي الظالمين) على تفصيل قد مر.
الجهة الثالثة: ما هو المراد من الحال المأخوذ في عنوان النزاع في المسألة.
قد يقال كما قيل: إن المراد منه زمان النطق، وهو مأخوذ في مدلول المشتق، بدعوى أن المتبادر عرفا من جملة (زيد ضارب) و (عمرو عادل) و (بكر عالم) ونحوها هو تلبس الذات بالمبدأ في زمان النطق، وهذا التبادر دليل على أن زمان الحال وهو زمان النطق مأخوذ في مدلول المشتق، إذ إرادة التلبس في غير زمان النطق كزمان الماضي أو المضارع بحاجة إلى قرينة.