إلى هنا قد تبين ضابط الوضع الشخصي والوضع النوعي.
وأما الكلام في المقام الثاني فيقع في موردين:
الأول: في وضع الهيئات الأفرادية والجملية.
الثاني: في وضع الحروف وما يلحق بها.
أما المورد الأول: فالمعروف والمشهور بين الأصوليين أن وضع الهيئات نوعي لا شخصي، ووضع المواد شخصي لا نوعي، ويمكن تقريب ذلك بأن المادة بما أنها ملحوظة بوحدتها الذاتية الشخصية من قبل الواضع في مقام عملية الوضع ثم توضع نفس تلك المادة المستحضرة بإزاء معنى لا أفرادها، فلا محالة يكون من الوضع الشخصي، لأن الموضوع شخص اللفظ المستحضر لا نوعه، مثلا مادة (ضرب) وهي (ض ر ب) فإذا قام الواضع بوضعها استحضرها في الذهن بحدها الشخصي المميز عن غيرها، ثم وضع شخص تلك المادة المستحضرة في الذهن بإزاء معنى لا أفرادها، وهذا بخلاف الهيئة، فإن الواضع في مقام وضع الهيئات يقوم باستحضار هيئة جامعة بينها في الذهن التي هي عنوان عام لها ومندك فيها في الخارج، وحيث إن استحضارها استحضار لتلك الهيئات الخاصة بعنوانها العام، فيكفي ذلك في وضع تلك الهيئات في ضمن هيئة جامعة عامة بالصيغة التالية: هي أن كلما كان على هيئة (فعل) مثلا، فهو موضوع للمعنى الكذائي، وكل ما كان على هيئة (فاعل)، فهو موضوع للمعنى الفلاني وهكذا، إذ من البعيد جدا أن يقوم الواضع بوضع كل هيئة بخصوصها بالوضع الشخصي.
فالنتيجة أن ضابط الوضع النوعي ينطبق على وضع الهيئات، فلذلك يكون نوعيا لا شخصيا.