ماضيا كان أم مضارعا موضوعة للنسبة التامة بين المادة والذات المبهمة الفاعلة، وهيئة الجملة الطارئة عليها تدل على تعيين الذات المبهمة في فرد خاص، ولا فرق من هذه الناحية بين الفعلين، وإنما الفرق بينهما من ناحية أخرى، وهي ما مر من أن النسبة في فعل الماضي تتضمن حيثية الحكاية عن الثبوت والتحقق في عالم الخارج، بينما إنها في فعل المضارع تتضمن حيثية الوقوع فعلا أو استقبالا.
إلى هنا قد تبين أن القول بأن هيئة الفعل موضوعة للنسبة الناقصة وهيئة الجملة موضوعة للنسبة التامة لا يرجع إلى معنى صحيح، فالصحيح هو القول بأنها موضوعة للنسبة التامة وهيئة الجملة لتعيين أحد طرفي النسبة.
وهنا قولان آخران في المسألة:
الأول: ما اختاره المحقق النائيني قدس سره من أن هيئة فعل الماضي موضوعة لنسبة المادة إلى فاعل ما على نحو التحقق، وهيئة فعل المضارع موضوعة لنسبة المادة إلى فاعل ما على نحو الترقب، وبذلك يمتاز فعل الماضي عن المضارع (1). هذا، وغير خفي أنه قدس سره إن أراد بإضافة هذا القيد أن حيثية التحقق مأخوذة في مدلول هيئة فعل الماضي، بمعنى أنها موضوعة بإزاء النسبة الخارجية، وحيثية الترقب مأخوذة في مدلول هيئة فعل المضارع، بمعنى أنها موضوعة بإزاء النسبة التي تقع في الخارج أو سوف تقع فيه، فيرد عليه:
أولا أن لازم وضع هيئة الفعل للنسبة الخارجية أن يكون مدلولها الوضعي تصديقيا لا تصوريا، وهو كما ترى، لما ذكرناه في بحث الوضع موسعا من