لكل منها مباينة للمقومات الذاتية للأخرى، وعليه فلا يتصور جامع ذاتي بين الهيئات لكي يكون الموضوع ذلك الجامع الذاتي، فإذن لا محالة يجب الوضع لأشخاصها بجامع عنواني انتزاعي، كقولهم كلما كان على زنة (فاعل) فهو موضوع لكذا وكذا.
وإن شئت قلت: إن الهيئة الجامعة ذاتا وحقيقة بين جمع الهيئات غير متصورة، لأن تلك الهيئات متباينات بالذات والحقيقة من جهة أن المقومات الذاتية لكل منها مباينة للمقومات الذاتية للأخرى وهي المواد، فإذن لا بد للواضع في مقام الوضع من احضار عنوان انتزاعي يشير به إليها، على أساس أنه عنوان عام لها وتصوره تصور لها بعنوانها ثم يضع تلك الهيئات بعنوان عام لمعنى، وهذا هو المراد من الوضع النوعي أي الوضع لها بجامع عنواني، أو ان المراد منه هو أن المادة حيث يمكن لحاظها فقط، فالوضع شخصي، والهيئة حيث لا يمكن لحاظها فحسب، بل لا بد أن يكون في ضمن مادة، فالوضع لها يوجب اقتصاره عليها، فيجب حينئذ أن يقال هيئة (فاعل) وما يشبهها موضوعة لكذا، وهذا معنى نوعية الوضع أي الوضع لها ولما يشبهها (1).
وقد علق على هذا الجواب بعض المحققين قدس سره بتقريب أنه لا يتم في بعض الهيئات الأفرادية كهيئة اسم الفاعل وفعل الماضي، فإن الأولى موضوعة للذات المتلبسة بالمبدأ، والثانية موضوعة للنسبة بين الفعل والفاعل، وتلبس الذات بالمبدأ قد يكون صدوريا كما في (ضارب) و (قاتل)، وقد يكون حلوليا كما في (مائت) و (عالم) وهكذا، وكذلك نسبة الفعل إلى الفاعل، فإنها قد تكون صدورية كما في مثل (ضرب) و (قتل) وقد تكون حلولية كما في مثل (مات)