الثاني: في الجمل المشتركة بين الانشاء والاخبار.
أما المورد الأول فالكلام فيه يقع في مرحلتين:
الأولى: في تعيين مدلولها وضعا.
الثانية: في الفارق بينهما وبين الجمل المتمحضة في الاخبار.
أما الكلام في المرحلة الأولى ففيها أقوال:
القول الأول: أن الجملة الانشائية كصيغة الأمر موضوعة بإزاء الطلب وصيغة الاستفهام موضوعة للاستفهام وصيغة التمني موضوعة للتمني وصيغة الترجي للترجي.
وغير خفي أن هذا القول مجمل المراد، وذلك لأنه إن أريد بوضع هذه الصيغ للمعاني المذكورة إيجاد مصاديقها بها حقيقة في عالم الخارج فهو واضح البطلان، وذلك لأن مصاديق تلك المعاني في الخارج أمور تكوينية غير قابلة للانشاء بها، لأنها تتبع عللها التكوينية الواقعية وتوجد بوجودها.
وإن شئت قلت: إن مصاديق المعاني المذكورة في الخارج من الصفات النفسانية الحقيقية القائمة بالنفس كصفات التمني والترجي والطلب والاستفهام، ولهذا قد تكون داعية للانشاء بالصيغ المذكورة لا أنها منشأة.
وإن أريد إيجاد هذه المعاني في الذهن، فيرده أن الايجاد التصوري اللحاظي غير مأخوذ في مدلول الألفاظ، لوضوح أنها لم توضع بإزاء إيجاد معانيها تصورا، وإن أريد به الايجاد الاعتباري في عالم الاعتبار، فيرد عليه أن الايجاد الاعتباري إنما هو باعتبار المعتبر مباشرة، ولا يعقل أن يكون فعلا له بالتسبيب، سواء أكان بسبب اللفظ أم كان بغيره، وإن أريد به مفهوم الطلب أو الاستفهام أو