أعماق نفوسهم وموافقة للفطرة والجبلة، فحينئذ إذا لم يصدر من الشارع ردع عنها، كان ذلك كاشفا عن إمضائه لها وموافقته بها، وأما إذا لم تكن كذلك كما هو الحال في المقام، فإن مجرد أن طريقة المخترعين عند العقلاء هو وضع أسامي المركبات للصحيحة، فلا دليل على حجيتها ولا تكشف عن موافقة الشارع لها.
فالنتيجة أن مجرد ثبوت هذه الطريقة عند العقلاء لا يكشف عن اتباع الشارع لها في وضع أسماء العبادات.
الرابع: ما دل على نفي الصلاة عن الفاقد كقوله عليه السلام: (لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب) (1) أو ما شاكله، فإنه يدل على الوضع للصحيح، وإلا فلا معنى لنفي الصلاة عن الفاقدة لفاتحة الكتاب.
والجواب: أن لسان الحديث هو الارشاد إلى جزئية فاتحة الكتاب وبيان اعتبارها فيما هو وظيفة المكلف من الصلاة في مقام الأداء والامتثال لا في مقام التسمية، أو فقل: إن محتملات هذا الحديث ثلاثة:
الأول: أن يكون الخبر المقدر لكلمة (لا) فيه (حقيقة).
الثاني: أن يكون (صحيحة).
الثالث: أي يكون (واجبة).
وهذه الجملة في نفسها ظاهرة في الاحتمال الأول، ويكون مفادها على هذا الاحتمال ركنية فاتحة الكتاب للصلاة وانتفاؤها، ولكن لا بد من رفع اليد عن هذا الظهور بروايات أخرى التي تدل على أن فاتحة الكتاب ليست بركن، منها حديث (لا تعاد)، وعليه فتكون الجملة في مقام بيان جزئية فاتحة الكتاب