وقد أجاب عن ذلك السيد الأستاذ قدس سره بأنه مبني على الخلط بين المركبات الحقيقية والمركبات الاعتبارية، وما أفاده قدس سره إنما يتم في المركبات الحقيقية، حيث إنها مركبة من جنس وفصل ومادة وصورة، باعتبار أن لكل واحد من الجزئين جهة افتقار بالإضافة إلى الآخر، فلا يعقل فيها تبديل الأجزاء بغيرها ولا الاختلاف فيها كما وكيفا، فإذا كان شئ واحد جنسا أو فصلا لماهية، فلا يعقل أن يكون جنسا أو فصلا لها في حالة ولا يكون كذلك في حالة أخرى، إذ معنى ذلك أنه مقوم لها وفي نفس الوقت لا يكون مقوما لها، مثلا الناطق فصل مقوم للانسان، ولا يعقل أن يكون فصلا له عند وجوده ولا يكون فصلا له عند عدمه وهكذا.
وأما في المركبات الاعتبارية فهو لا يتم، لأن التركيب فيها بين أمرين مختلفين أو أزيد، وليس بينهما أي جهة اتحاد حقيقية ولا افتقار ولا ارتباط، بل إن كل واحد منهما موجود مستقل على حياله ومباين للآخر في التحصل والفعلية، والوحدة العارضة عليهما وحدة اعتبارية، لاستحالة التركيب الحقيقي بين أمرين أو أمور متحصلة بالفعل، وعلى هذا فلا مانع من كون شئ واحد داخلا في المركب الاعتباري عند وجوده وخارجا عنه عند عدمه.
ومن أمثلة ذلك كلمة (الدار)، فإنها موضوعة لمعنى مركب، وهو ما اشتمل على الحيطان والساحة والغرفة، وهي أجزاؤها الرئيسية ومقومة لصدق عنوانها، وحينئذ فإن كان لها غرفة أخرى وسرداب أو طبقة ثانية أو غير ذلك فهي من أجزائها وداخلة في المسمى، ومن هذا القبيل (الكلمة) و (الكلام) ونحوهما كما مر، وعلى هذا فحيث إن العبادات كالصلاة ونحوها من المركبات الاعتبارية، فلا مانع من الالتزام بأن مسماها الأركان وما زاد عليها من الأجزاء