التصوري، كما أنها تفترق عنها في مرحلة المدلول التصديقي، هذا تمام الكلام في المرحلة الأولى وهي تعيين المدلول الوضعي الذاتي للجملة الانشائية.
وأما الكلام في المرحلة الثانية فيقع في تمييز الجمل المختصة بالانشاء عن الجمل المختصة بالاخبار، وهذا يختلف باختلاف المباني في تفسيرهما.
اما على مبنى السيد الأستاذ قدس سره فكلتا الجملتين تشترك في الدلالة الوضعية، وهي الدلالة على قصد المتكلم وإرادته، وتختلف في سنخ المقصود، فإنه في الجملة الأولى ابراز الأمر الاعتباري النفساني، وفي الجملة الخبرية الحكاية والاخبار عن الثبوت والتحقق في الواقع أو نفيه، فلهذا لا تتصف الأولى بالصدق والكذب، على أساس أنه لا واقع موضوعي لمدلولها في الخارج لكي يتصف بالصدق إذا كان مطابقا للواقع، وبالكذب إذا لم يكن مطابقا له، وتتصف الثانية بالصدق والكذب باعتبار أن لمدلولها واقعا موضوعيا قد يكون مطابقا له وقد يكون مخالفا له، فعلى الأول تتصف بالصدق، وعلى الثاني بالكذب.
وأما على القول الرابع فلا اختلاف بين الجملتين في ذات المدلول الوضعي وهو النسبة، وإنما الاختلاف بينهما في وعائها، مثلا جملة (زيد قائم) موضوعة للدلالة على النسبة بينهما، ووعاؤها عالم التحقق والثبوت في مرحلة التصادق، وإذا دخلت عليها أداة الاستفهام كجملة (هل زيد قائم) دلت الأداة أو الهيئة المتحصلة من دخولها عليها على تلك النسبة شفي وعاء الاستفهام، فالفرق بينها وبين الجملة المجردة عن الأداة إنما هو في الوعاء، وكذلك إذا دخلت عليها أداة التمني أو الترجي دلت على نفس النسبة في وعاء التمني أو الترجي وهكذا.
والخلاصة: أن النسبة لما كانت بحاجة إلى ركن ثالث - وهو الوعاء - زائدا على طرفيها، فهذا الركن في الجملة الخبرية إذا كانت مجردة عن الأداة