التمني أو الترجي، فيرد عليه أنه مفهوم اسمي، فلا يمكن أن يكون مدلولا للجملة الانشائية، وإن أريد به الايجاد الانشائي في عالم الانشاء بنفس هذه الصيغ بلحاظ أنه معناه الموضوع له، فيرد عليه أن الكلام إنما هو في حقيقة هذا الوجود الانشائي وحدوده سعة وضيقا، وهي مسكوت عنها في هذا القول.
ومن هنا يظهر أن ما ذكره المحقق الخراساني قدس سره من أن هذه الصيغ موضوعة للوجود الانشائي الايقاعي (1) مما لا يمكن المساعدة عليه.
وذلك لأنه إن أريد بالوجود الانشائي الوجود الاعتباري، فيرد عليه أنه قائم باعتبار المعتبر مباشرة، ولا يعقل فيه التسبيب، وإن أريد به الوجود الانشائي المنشأ بها بلحاظ أنه مدلولها وضعا، فالكلام إنما هو في حقيقة هذا الوجود، والمفروض أنه غير مبين في كلامه قدس سره وسيأتي توضيحه.
القول الثاني: ما ذهب إليه المحقق العراقي قدس سره من أن الجملة الانشائية كصيغة الأمر وصيغتي التمني والترجي وأداة الاستفهام موضوعة بإزاء النسب، كالنسبة الطلبية والتمنية والترجية والاستفهامية، وهذه النسبة في الجملة الطلبية كقولك (صل)، متقومة ذاتا وحقيقة بالمادة ومفهوم الطلب الذي هو مفهوم اسمي، وفي الجملة الاستفهامية كقولك (هل زيد قائم) متقومة ذاتا وحقيقة بالجملة التامة المدخول عليها الأداة ومفهوم الاستفهام، وفي جملة التمني أو الترجي متقومة كذلك بالجملة المدخول عليها أداة التمني أو الترجي ومفهومه، لأن الجملة المدخول عليها أدوات الاستفهام والتمني والترجي بمثابة المادة لهيئات هذه الجمل التي يكون مدلولها النسب الاستفهامية والترجية والتمنية.