وأما الكلام في المقام الثاني وهي القول بأن مفهوم المشتق مركب من الذات والمبدأ والنسبة بينهما، فنقول إن المراد من الذات المأخوذة في مفهوم المشتق هو الذات المبهمة غاية الابهام ومعراة عن كل خصوصية من الخصوصيات العرضية ما عدا قيام المبدأ بها، وليس المراد منها مصداقها، فلنا دعويان:
الأولى: أن مصداق الذات والشئ غير مأخوذ في مفهوم المشتق.
الثانية: أن المأخوذ فيه مفهوم الشئ والذات بنحو الابهام.
أما الدعوى الأولى فهي باطلة جزما، لأن لازم ذلك أن يكون المشتق من متكثر المعنى، بأن يكون الوضع فيه عاما والموضوع له خاصا، وهذا خلاف الارتكاز العرفي منه فطرة، لأن المرتكز منه كذلك معنى واحد مبهم غاية الابهام، ولهذا يقبل الحمل على الواجب تعالى كقولك (الله عالم وقادر وحي) وهكذا، وعلى الممكن بشتى أنواعه من الماهيات المتأصلة كالجواهر والأعراض والماهيات الاعتبارية والانتزاعية، وعلى الممتنع كقولك (شريك الباري ممتنع) و (اجتماع النقيضين مستحيل) وهكذا، والجميع على نسق واحد.
وأيضا لازم ذلك أن يكون استعمال المشتق في الذات المتلبسة بالمبدأ المعراة عن الخصوصيات العرضية مجازا، لأنه استعمال في غير معناه الموضوع له، وأن يكون المشتق مجملا إذ لم تكن هناك قرينة على تعيين المصداق، باعتبار أن حكمه حينئذ حكم اللفظ المشترك، فلا يدل على التعيين.
ودعوى أن جعل المصداق موضوعا في القضية يدل على أنه مأخوذ في مدلول المشتق.
مدفوعة بأن المشتق لا يكون محمولا دائما، بل قد يكون محمولا وقد لا