ومن ناحية أخرى، إن تصوير النزاع في وضع أسماء المعاملات للصحيحة أو للأعم من وجهة نظر الشرع وإن كان ممكنا، إلا أنه غير واقع في الخارج، لأن الواقع هو وضع أسماء المعاملات بإزاء معانيها قبل الاسلام، ولهذا تكون حقائق عرفية عقلائية لا شرعية، فإن هذه الأسماء مستعملة في تلك المعاني قبل مجئ الاسلام وبعده على حد سواء، غاية الأمر أن الشارع قد يتصرف فيها فنهى عن بعض المعاملات الدارجة بينهم كالمعاملة الربوية وما شاكلها، وزاد في بعض الموارد قيدا أو جزءا لم يكن معتبرا عند العقلاء كاعتبار البلوغ في المتعاقدين ونحو ذلك.
ومن هنا يجوز التمسك بإطلاقات أدلة المعاملات في الكتاب والسنة عند الشك في اعتبار شئ فيها شرعا جزءا أو شرطا، بلا فرق في ذلك بين أن تكون أسماء المعاملات عند العقلاء موضوعة للصحيح أو للأعم، ولهذا لا تظهر الثمرة بين القولين في المسألة عند الشارع، نعم تظهر الثمرة بينهما عند العقلاء.
الجهة الثالثة: قد تسأل هل يجري النزاع في وضع أسماء المعاملات بمعنى المسببات للصحيحة أو الأعم؟
والجواب: أن المعروف المشهور بين الأصحاب أنه لا يجري في المعاملات بمعنى المسببات، والوجه في ذلك هو أن المسبب كالملكية أو الزوجية أو نحوها بسيط ويدور أمره بين الوجود والعدم المحموليين، لا بين الصحة والفساد بمفاد كان وليس الناقصتين، فلذلك لا يعقل جريان هذا النزاع في المسببات، وعلى هذا فالنزاع إنما هو في أسماء المعاملات بمعنى الأسباب، على أساس أنها تتصف بالصحة تارة وبالفساد أخرى، باعتبار أنها مركبة من أجزاء ومقيدة بقيود، فإن كانت واجدة لتمام أجزائها وقيودها اتصفت بالصحة، وإن كانت فاقدة لبعضها