لا في التاريخ ولا في الأحاديث.
وأما القسم الثاني وهو الوضع التعييني بصيغة الاستعمال لا بتصريح من الواضع، فيقع الكلام في إمكانه أولا، وفي وقوعه ثانيا، فهنا مقامان:
أما الكلام في المقام الأول فقد ذهب المحقق النائيني قدس سره إلى عدم إمكانه، بتقريب أن حقيقة الاستعمال هي إفناء اللفظ في المعنى بحيث إن المتكلم كأنه لا يلقي إلى المخاطب إلا المعنى والمخاطب لا يتلقى منه إلا ذلك المعنى، فاللفظ على كل حال يكون مغفولا عنه، بينما الوضع يقتضي لحاظ اللفظ بنفسه واستقلالا لا آليا وفانيا، كما أنه يقتضي لحاظ المعنى كذلك، وعلى هذا فلا يمكن تحقق الوضع بالاستعمال وكونه مصداقا ومحققا له، وإلا لزم الجمع فيه بين اللحاظ الآلي والاستقلالي وهو محال، وإن شئت قلت: إنه لا يمكن أن يكون إطلاق اللفظ على المعنى استعمالا ووضعا معا، فإنه بلحاظ كونه استعمالا، فالنظر إليه آلي وبلحاظ كونه وضعا فالنظر إليه استقلالي، ولا يعقل أن يكون النظر إليه آليا واستقلاليا في نفس الوقت (1).
وقد علق عليه السيد الأستاذ قدس سره بتعليقتين.
الأولى: أن الوضع سواء أكان بمعنى التعهد والتباني أم بمعنى الاعتبار النفساني في مرتبة متقدمة على الاستعمال، أما على الأول فواضح، ضرورة أن التعهد والتباني بذكر لفظ خاص عند إرادة تفهيم معنى ما يكون مقدما على الاستعمال لا محالة، من دون فرق بين أن يكون إبراز هذا التعهد بمثل كلمة وضعت أو نحوها الدالة عليه بالمطابقة أو يكون نفس الاستعمال الدال على ذلك بالالتزام