خصوص ما لا يقبل التقييد لا مطلقا، مع أن القائل به يدعي لزومه مطلقا.
وثانيا: أن لزوم الانقلاب في مثل المثال المذكور إنما هو لو كان المأخوذ في مدلول المشتق شخص الموضوع في القضية، وهو زيد في المثال، ولكن الظاهر أن المأخوذ فيه نوع الموضوع لا شخصه، بقرينة أن المراد من واقع الشئ المأخوذ فيه ما يكون معروضا للمبدأ عادة في الخارج، ومن الواضح أن ما يكون معروضا له عادة هو الانسان، باعتبار أن العلم والعدالة والكتابة ونحوها من عوارضه، لا من عوارض الفرد بحده الفردي كزيد مثلا، فإن عروضها عليه إنما هو بلحاظ أنه انسان لا بلحاظ أنه زيد، وحينئذ فتنحل قضية (زيد عالم) إلى قضية (زيد انسان له العلم) لا إلى قضية (زيد زيد له العلم)، فإذن لا انقلاب.
وثالثا: مع الاغماض عن جميع ذلك وتسليم أن المأخوذ في مدلول المشتق شخص الموضوع في القضية، فمع هذا لا يلزم الانقلاب، وذلك لأن الجزئي لا يقبل التقييد الافرادي، وأما الأحوالي فلا مانع منه، وعلى هذا فمثل قولنا (زيد عالم) وإن انحل إلى قولنا (زيد زيد له العلم) ولكن زيد بما أنه مقيد بحالة العلم، فلا يكون حمله مقيدا بها على زيد - الذي هو موضوع القضية مطلقا - ضروريا، من جهة أن ثبوت تلك الحالة له ليس بضروري، وإنما هو بالامكان.
وقد يقال كما قيل: إن أخذ واقع الشئ في مدلول المشتق يؤدي إلى انحلال القضية الواحدة إلى قضيتين: إحداهما ضرورية، وهي (الانسان إنسان)، والأخرى ممكنة، وهي (الانسان له الكتابة) مع أن قضية (الانسان كاتب) قضية واحدة ممكنة لدى العرف والعقلاء، وهذا شاهد على عدم أخذ واقع الشئ في مدلول المشتق (1).