ومن هنا يظهر أن الانقلاب غير معقول، بلا فرق بين أن يكون المأخوذ في مدلول المشتق مفهوم الشئ ومصداقه، باعتبار أن المحمول وهو مدلول المشتق مركب من الذات والمبدأ والنسبة، وإمكان القضية إنما هو من جهة أن ثبوت المبدأ لموضوعها إن كان بالامكان فالقضية ممكنة، وإن كان بالضرورة فضرورية، ولا فرق في ذلك بين أن يكون مدلول المشتق محمولا في القضية بالاجمال أو بالتفصيل والتحليل، ولا يعقل أن يكون ثبوته بالتحليل ضروريا وبالاجمال ممكنا، وإلا لم يكن الفرق بينهما بالاجمال والتفصيل بل بالتباين، وهذا خلف.
قد يقال كما قيل: إن القيد إذا كان مأخوذا بنحو الموضوعية بأن يكون قيدا للمحمول واقعا لا معرفا له فحسب، فهو وإن كان يدفع محذور الانقلاب إلا أنه يستلزم محذورا آخر، وهو حمل الأخص على الأعم، لأن الانسان المقيد بالكتابة أو نحوها يكون أخص من الانسان المطلق وغير المقيد، ومن المعلوم أن حمل الأخص على الأعم غير صحيح، لأن ملاك صحة الحمل هو اتحاد المحمول مع الموضوع في القضية خارجا وجودا، وهذا إنما هو فيما إذا كان المحمول مساويا مع الموضوع أو أعم منه، وأما إذا كان أخص منه، فهو لا يتخذ إلا مع حصة منه، فلذلك لا يصح حمل الأخص على الأعم إلا بالتأويل والعناونية، فإذن لا بد أن يكون القيد مأخوذا بنحو المعرفية والمشيرية لا بنحو الموضوعية.
والجواب: أن المحمول في مثل قضية (الانسان كاتب) أو (ضاحك) ليس أخص من الموضوع فيها، لأن قيد الكتابة مثلا بما أنه ملحوظ ثبوته له بنحو الامكان فهو بهذا اللحاظ ليس أخص منه، وعلى هذا فلا يكون حمل الكاتب على الانسان في قولنا (الانسان كاتب) من حمل الأخص على الأعم، بل هو من حمل المساوي على المساوي، وأما إذا كان القيد أخص من الموضوع، فلا يصح