حيث اعتبروه مجردا عن مفهوم الذات، وذلك لا يوجب وضعه لغة كذلك.
وفيه: إنه من المقطوع أن مثل الناطق قد اعتبر فصلا بلا تصرف في معناه أصلا، بل بماله من المعنى، كما لا يخفى.
والتحقيق أن يقال إن مثل الناطق ليس بفصل حقيقي، بل لازم ما هو الفصل وأظهر خواصه، وإنما يكون فصلا مشهوريا منطقيا يوضع مكانه إذا لم يعلم نفسه، بل لا يكاد يعلم، كما حقق في محله، ولذا ربما يجعل لازمان مكانه إذا كانا متساوي النسبة إليه، كالحساس والمتحرك بالإرادة في الحيوان، وعليه فلا بأس بأخذ مفهوم الشئ في مثل الناطق، فإنه وإن كان عرضا عام، لا فصلا مقوما للانسان، إلا أنه بعد تقييده بالنطق واتصافه به كان من أظهر خواصه.
وبالجملة لا يلزم من أخذ مفهوم الشئ في معنى المشتق، إلا دخول العرض في الخاصة التي هي من العرضي، لا في الفصل الحقيقي الذي هو من الذاتي، فتدبر جيدا.
ثم قال:
إنه يمكن أن يختار الوجه الثاني أيضا، ويجاب بأن المحمول ليس مصداق الشئ والذات مطلقا، بل مقيدا بالوصف، وليس ثبوته للموضوع حينئذ بالضرورة، لجواز أن لا يكون ثبوت القيد ضروريا. انتهى.
ويمكن أن يقال: إن عدم كون ثبوت القيد ضروريا لا يضر بدعوى الانقلاب، فإن المحمول إن كان ذات المقيد وكان القيد خارجا، وإن كان التقييد داخلا بما هو معنى حرفي، فالقضية لا محالة تكون ضرورية، ضرورة ضرورية ثبوت الانسان الذي يكون مقيدا بالنطق للانسان وان كان المقيد به بما هو مقيد على أن يكون القيد داخلا، فقضية (الانسان ناطق) تنحل في الحقيقة إلى قضيتين إحداهما قضية (الانسان انسان) وهي