حمله على الأعم إلا بالتأويل.
وبكلمة، إن حمل الأخص مفهوما على الأعم كذلك غير صحيح إذا كان كل منهما ملحوظا بحده بنحو الموضوعية، وأما إذا كانا ملحوظين بنحو الفناء في حقيقة واحدة في الخارج ومعبران عنها في مرحلة التصادق، فحينئذ وإن كان الحمل صحيحا لتوفر ملاكه وهو انطباقهما على موجود واحد، إلا أنه ليس من حمل الأخص مفهوما على الأعم كذلك، إلا صورة، فإنه في الحقيقة من حمل المساوي على المساوي، ومن هذا القبيل ما إذا جعل الموضوع فانيا في مصداق المحمول، فإن الحمل وقتئذ وإن كان صحيحا إلا أنه من حمل المساوي على المساوي، لا حمل الأخص على الأعم إلا صورة، فالنتيجة أن حمل الأخص على الأعم لا يصح إلا بالتصرف والتأويل، لحد الآن قد تبين أن أخذ مفهوم الشئ في مدلول المشتق أو واقعة الموضوعي لا يوجب الانقلاب.
ولكن قد يقال: إن أخذ واقع الشئ فيه إنما لا يوجب الانقلاب فيما إذا كان قابلا للتقييد، كما في مثل قولنا (الانسان كاتب) أو (ضاحك)، وأما إذا لم يكن قابلا للتقييد فأخذه يوجب الانقلاب، كما في مثل قولنا (زيد عالم)، فإنه ينحل إلى قولنا (زيد زيد له العلم)، وزيد بما أنه جزئي حقيقي فلا يقبل التقييد، فإذن يكون القيد مجرد معرف ومشير إليه من دون أن يكون له دخل فيه، وحينئذ فتكون قضية (زيد زيد له العلم) قضية ضرورية، لأنه من حمل الشئ على نفسه، وهذا هو معنى الانقلاب (1).
والجواب: أولا: أن الانقلاب إنما يلزم لو كان المأخوذ في مدلول المشتق