والجواب: الظاهر أن مناسبة الحكم والموضوع الارتكازية تقتضي أن عبده الأوثان لا يليقون لمنصب الخلافة والإمامة التي هي من أعظم المناصب الإلهية بعد الرسالة، فإن المرتكز في أعماق نفوس الناس أن المتقمص لهذا المنصب الإلهي العظيم لا بد أن يكون مثالا ساميا في المجتمع ومنزها عن جميع الأعمال الدنية والمفاسد الأخلاقية في طول عمره وقدوة للناس في سيرته وسلوكه اجتماعيا وفرديا ومعرا عن أي منقصة خلقية وخلقية، ومن هنا أن شارب الخمر أو الزاني إذا ترك شرب الخمر أو الزنا وتاب ثم ادعى منصب الخلافة والإمامة من قبل الله تعالى لم يقبل الناس منه هذه الدعوى فطرة وارتكازا، ويقولون إنه كان يشرب الخمر في الأمس والآن يدعي الإمامة والخلافة.
وبكلمة، إن المرتكز في أعماق نفوس الناس فطرة وجبلة أن المتلبس بثوب الرسالة أو الإمامة من قبل الله تعالى لا بد أن يكون إنسانا كاملا في المجتمع خلقا وخلقا ومثالا روحيا للبشر ومربيا لهم في سيرته وسلوكه وداعيا إلى الله بأخلاقه وأعماله ولم تكن في سجلات حياته التاريخية في مختلف مجالاتها من الاجتماعية والفردية نقطة سوداء تحط من شأنه وجلالة قدره وتأثيره في النفوس، وإلا فهو بنظر الناس لا يصلح أن يكون ممثلا من قبل الله تعالى وسفيرا، وعلى هذا فمن عبد الوثن مدة معتدا بها من عمره ثم ترك وتشرف بالاسلام، فإنه وإن كان يجب ما قبله كالتوبة إلا أن في سجل حياته نقطة سوداء، وهي تبقى في نفوس الناس وتحط من شأنه ولياقته لمنصب الخلافة والإمامة ولا يصلح أن يكون ممثلا وسفيرا من الله تعالى، إذ من الواضح أن المتصدي لمنصب الرسالة والإمامة لديهم لا بد أن يكون مثالا أعلى في المجتمع الانساني في علو الشأن وجلالة القدر والمكانة حتى يكون له وقر وأثر كبير في نفوس الناس قولا وعملا.