فهي لا تخلو عن أحد النحوين الأخيرين، وأما النحو الأول، فهو في تلك القضايا قليل جدا، نعم إنه غالبا يكون في القضايا الخارجية، هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى، إن ظاهر العناوين المأخوذة في القضايا الحقيقية أنها أخذت على النحو الثاني، بمعنى أنها دخيلة في الحكم والملاك حدوثا وبقاء، ولا يكفي حدوثها في بقاء الحكم والملاك، وأما إرادة النحو الثالث منها، فهي بحاجة إلى عناية زائدة، وإلا فالعناوين بنفسها ظاهرة في النحو الثاني، مثلا قوله تعالى:
(الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) (1)، وقوله تعالى:
(السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) (2) ظاهران عرفا في أن العنوان فيهما مأخوذ على النحو الثالث، ولكن بعناية زائدة وهي أن الحكم فيهما لو كان دائرا مدار العنوان المأخوذ وجودا وعدما حدوثا وبقاء كان لغوا، لعدم إمكان إجراء هذا الحكم في مرحلة التطبيق، حيث إنه قد زال تلبسه بالسرقة أو الزنا في هذه المرحلة، فمن أجل هذه النكتة كانت الآيتان ظاهرتين في أن تلبس شخص بالزنا أو السرقة حدوثا دخيل في حدوث الحكم عليه وبقائه معا طالما لم يطبق عليه خارجا وإن زال المبدأ عنه.
وعلى ضوء هذا الأساس يقع الكلام في أن عنوان (الظالم) المأخوذ في الآية الشريفة، هل هو مأخوذ على النحو الثاني بأن يكون الحكم في الخارج يدور مداره حدوثا وبقاء أو أنه مأخوذ على النحو الثالث، فالاستدلال بالآية الشريفة على عدم لياقة عبدة الأصنام للخلافة مبتن على أن يكون مأخوذا على النحو الثالث.