ولا ثالث لهما، لاستحالة الاهمال في الواقع، وعلى هذا فإن كان في مقام الاثبات دليل مطلق من آية أو رواية، فلا مانع من التمسك بإطلاقه عند الشك في اعتبار شئ في المأمور به جزءا أو شرطا على القول بالأعم، باعتبار أن صدق المطلق على الفاقد للشئ المشكوك فيه محرز، والشك إنما هو في اعتبار أمر زائد، وحينئذ فلا مانع من التمسك بإطلاقه لدفع اعتباره فيه، وبه يستكشف أن المأمور به في الواقع مطلق.
وبكلمة، إنه إذا شك في اعتبار شئ جزءا أو شرطا في الصلاة المأمور بها مثلا كالسورة، فعلى القول بالوضع الأعم حيث إن صدق الصلاة بما لها من المعنى الموضوع له على الفاقدة للسورة معلوم، والشك إنما هو في اعتبار أمر زائد فلا مانع من التمسك بالاطلاق لنفي اعتباره والحكم بأن المأمور به في الواقع ومقام الثبوت هو الصلاة بدون السورة، وأما على القول بالوضع للصحيح، فحيث إن صدق الصلاة بما لها من المعنى على الفاقدة للسورة مشكوك فيه لاحتمال دخلها في مسماها، فلا إطلاق لها لكي يمكن التمسك به.
فالنتيجة: أن هذا الوجه مبني على نقطة خاطئة، وهي كون المسمى بوصف كونه مأمورا به متعلق الأمر، وهذا مستحيل لاستحالة أخذ هذا الوصف في متعلق الأمر، لأنه متأخر منه ومنتزع من تعلقه بالمسمى، فكيف يعقل أخذه في متعلقه.
إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بهذه النتيجة، وهي أنه لا غبار في ظهور هذه الثمرة بين القولين في المسألة، هذا تمام كلامنا في العبادات.