ومن هنا ذكر قدس سره أن معنى الانشاء هو إبراز الأمر الاعتباري النفساني في الخارج بمبرز ما من قول أو فعل (1)، ومن الواضح أن كلا من الاعتبار والابراز فعل اختياري للمعتبر مباشرة لا تسبيبا، فلا يكون هناك سبب ولا مسبب ولا آلة ولا ذيها.
وبكلمة، إنه ليس في باب المعاملات إلا أمران، أحدهما الأمر الاعتباري القائم بنفس المتعاملين مباشرة، والآخر الأثر الشرعي أو العقلائي المترتب على فعل المتعاملين كذلك، وكلاهما فعل مباشر ولا يعقل أن يكون فعلا تسبيبيا. أما الأول فهو فعل نفساني للمتعاملين بالمباشرة وبيدهما وجودا وعدما، ولا يعقل أن يكون مسببا عن شئ آخر. وأما الثاني فهو فعل الشارع أو العقلاء بالمباشرة، غاية الأمر أن الشارع أو العقلاء يعتبر الملكية أو الزوجية كذلك في موضوع خاص، هذا إضافة إلى أن مراد المشهور من المسبب ليس هو الأثر الشرعي أو العقلائي، فالنتيجة أنه ليس في باب المعاملات سببية ولا مسببية ولا آلة ولا ذيها، لأن كل ذلك غير موجود، فالموجود إنما هو اعتبار المتعاملين الملكية أو الزوجية في عالم الاعتبار والنفس وإبرازه في الخارج بمبرز ما من قول أو فعل، ومجموع المبرز - بالكسر - والمبرز - بالفتح - بمثابة الموضوع للأثر الشرعي أو العقلائي، هذا ملخص ما أفاده قدس سره.
وما أفاده قدس سره يرجع إلى نقطتين:
الأولى: أن الانشاء عبارة عن إبراز الأمر الاعتباري النفساني بمبرز ما من قول أو فعل.