من قبلكم) (1)، فإن المفهوم من كلمة الصيام عرفا هو كف النفس عن الأكل والشرب، وهو معناه اللغوي والعرفي، فالصيام بهذا المعنى ثابت في الشرائع السابقة والأديان الأخرى، ويدل على ذلك قوله تعالى: (كلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) (2)، فإذن حقيقة الصيام هي كف النفس عن الأكل والشرب في جميع الشرائع، نعم تختلف هذه الشريعة عن الشرائع السابقة في بعض الشروط غير المقومة لحقيقة الصيام كالكف عن الجماع والاستمناء والكذب على الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله والأئمة الأطهار عليهم السلام وغير ذلك، وعلى هذا فإذا شك في اعتبار شئ فيه جزءا أو شرطا زائدا على صدقه، فلا مانع من الرجوع إلى إطلاق الآية الشريفة، ومقتضاه عدم اعتباره، فإذن حال الآية الشريفة حال قوله تعالى: (أحل الله البيع) (3) و (تجارة عن تراض) (4) و (أوفوا بالعقود) (5) ونحو ذلك، فكما أنه لا مانع من التمسك بإطلاق هذه الآيات في باب المعاملات، فكذلك لا مانع من التمسك بإطلاق الآية المباركة في باب الصوم عند الشك في دخل شئ في صحته شرعا.
هذا إضافة إلى أنه يكفي في ظهور هذه الثمرة إمكان ترتبها، لأن المعتبر في أصولية المسألة إمكان وقوعها في طريق عملية الاستنباط لا فعلية ذلك، وعلى هذا فلو فرضنا أن أدلة العبادات جميعا من الكتاب والسنة مجملة، فلا يمكن التمسك بها عند الشك في اعتبار شئ فيها جزءا أو شرطا، إلا أن ذلك لا يمنع