عن إمكان ترتب هذه الثمرة لو كان هناك إطلاق، وهذا المقدار يكفي في كون المسألة أصولية.
الثالث: أن الاطلاق والتقييد في العبادات إنما يلاحظ بالإضافة إلى المأمور به ومتعلق الأمر لا بالقياس إلى المسمى، لوضوح أن الاطلاق أو التقييد في كل كلام إنما هو بالقياس إلى مراد المتكلم منه، فإذا كان المتكلم هو الشارع، فلا محالة لوحظ الاطلاق أو التقييد بالنسبة إلى مراده وأنه مطلق أو مقيد لا إلى ما هو أجنبي عنه، وعلى ذلك فلا فرق بين القولين في المسألة، فكما أن الصحيحي لا يمكنه التمسك بالاطلاق فكذلك الأعمي. أما الصحيحي فلما تقدم من عدم إحراز الصدق على الفاقد لما شك في اعتباره جزءا أو قيدا، وأما الأعمي فمن أجل أنه يعلم بأن مراد المولى هو المسمى بوصف كونه مأمورا به ومتعلق الأمر، ومن الواضح أن المأمور به حصة خاصة من المسمى وهي الحصة الصحيحة، ضرورة أن الشارع لا يأمر بالحصة الفاسدة ولا بالأعم منها ومن الصحيحة، وعلى هذا فلا يمكن التمسك بالاطلاق عند الشك في جزئية شئ أو شرطية آخر، للشك في صدق المأمور به حينئذ على الفاقد للشئ المشكوك فيه.
والخلاصة: أن الصحة لو كانت مأخوذة في المسمى، سواء أكانت مأخوذة فيه بما هو مسمى كما هو الحال على القول بالصحيح أم مأخوذة فيه بوصف كونه مأمورا به ومتعلق الأمر كما هو الحال على القول بالأعم، فلا يمكن التمسك بالاطلاق لا على القول الأول ولا على الثاني.
والجواب: أن الاطلاق والتقييد في مقام الثبوت والواقع إنما يلحظان بالإضافة إلى ذات المأمور به ومتعلق الأمر لا بوصف كونه مأمورا به ومتعلق الأمر، لأن الأمر في الواقع لا يخلو إما أن يكون متعلقا بالمسمى مطلقا أو مقيدا،