الثانية: إحراز أن المتكلم في مقام البيان ولو بأصل عقلائي لا في مقام الاهمال والاجمال، ويكفي في إثبات هذه المقدمة ظهور حال المتكلم في ذلك.
الثالثة: إحراز أنه لم ينصب قرينة على التعيين والتقييد.
فإذا تمت هذه المقدمات في مقام الاثبات ثبت الاطلاق فيه، وبه يكشف عن الاطلاق في مقام الثبوت وأن مراده الاستعمالي مطابق لمراده الجدي، وحينئذ فإذا شك في دخل شئ جزءا أو شرطا في المأمور به، فلا مانع من التمسك بإطلاقه لدفع ما شك في اعتباره فيه، على أساس أنه شك في اعتبار أمر زائد على صدقه، ومعه لا مانع من التمسك بالاطلاق.
وحيث إن هذه المقدمات تامة على القول بالأعم، فلا مانع من التمسك بالاطلاق فيه عند الشك في اعتبار شئ جزءا أو قيدا، باعتبار أنه شك في أمر زائد على صدق طبيعي المطلق فيدفع باطلاقه. وهذا بخلاف القول بالوضع للصحيح، فإن المقدمة الأولى التي هي مقدمة رئيسية من تلك المقدمات الثلاث غير متوفرة على هذا القول، فإن الحكم فيه لم يرد على الجامع بين الصحيحة والفاسدة، وإنما ورد على حصة خاصة منه، وهي خصوص الصحيحة المتقومة بوجدانها لجميع الأجزاء والشرائط، ولو شك عندئذ في جزئية شئ أو شرطية آخر لها، فلا محالة يرجع الشك إلى الشك في صدقها على الفاقد للمشكوك فيه، لاحتمال دخله في المسمى، ومعه لا يمكن التمسك بالاطلاق.
والخلاصة أن الشك في اعتبار شئ جزءا أو شرطا على هذا القول مساوق للشك في صدق المسمى، لأنه إن كان جزءا أو شرطا له في الواقع فهو داخل فيه، وإلا فهو خارج عنه، وحيث إنا لا نعلم بذلك، فيكون صدقه على الفاقد له مشكوكا فيه، ومعه لا مجال للتمسك بأصالة الاطلاق.