كان مجازيا على كل حال، إلا أن الظاهر هو أن الشارع استعمل هذه الألفاظ في النصوص التشريعية في معنى جامع بين الصحيحة والفاسدة، وإرادة خصوص الصحيحة أو الفاسدة منها بدال آخر من باب تعدد الدال والمدلول.
مدفوعة بأن اتباع هذه الطريقة في المحاورات والاستعمالات العرفية إنما هو بنكتة أخرى لا مجرد التحفظ على وحدة المستعمل فيه، وهي أن اللفظ في باب الحقيقة ظاهر عند الاطلاق في إرادة المعنى الحقيقي واستعماله فيه، وعليه فإذا نصب المتكلم قرينة على إرادة حصة خاصة منه فيدور الأمر بين استعمال اللفظ في هذه الحصة مجازا ورفع اليد عن ظهوره في معناه الحقيقي، وبين التحفظ على هذا الظهور وإرادة الحصة بدال آخر من باب تعدد الدال والمدلول، فالثاني متعين تحفظا على ظهوره في معناه الحقيقي، حيث لا موجب لرفع اليد عنه واستعماله في الحصة مجازا، فإذا قيل (جاء أسد) فلفظ الأسد مستعمل في معناه الحقيقي، وهو الحيوان المفترس الجامع، وتطبيقه على الفرد إنما هو بدال آخر وهو الرؤية، لا أن لفظ الأسد مستعمل في الفرد مجازا، لأنه خلاف الظاهر، وهذه النكتة غير متوفرة في المقام، وذلك لأن استعمال اللفظ فيه في الأعم مجاز على الفرض، وعلى هذا فإذا أراد المتكلم حصة خاصة منه وهي الصحيحة أو الفاسدة ونصب قرينة على إرادتها، فلا ظهور للفظ في الأعم وهو الجامع وكون إرادة الحصة منه بدال آخر، على أساس أن ظهوره فيه مستند إلى القرينة لا إلى الوضع، وعليه فإذا نصب المتكلم قرينة على إرادة الحصة منه انتفى ظهوره بانتفاء منشئه وهو القرينة، فإذن لا ظهور له لكي يدور الأمر بين التحفظ عليه وإرادة الحصة منه بدال آخر وبين رفع اليد عنه واستعماله في الحصة مجازا، لوضوح أنه إذا نصب قرينة على إرادة الخاص من ألفاظ الكتاب والسنة دون مدلولها اللغوي، فمعناه أنها مستعملة فيه لا أنها مستعملة في الأعم، وإرادة الخاص بالقرينة من باب