تعدد الدال والمدلول، لفرض أنه لم ينصب قرينة على إرادة الأعم واستعمالها فيه، وإنما نصب قرينة على إرادة الخاص واستعمالها فيه.
فالنتيجة في نهاية المطاف أنه لا يمكن تصوير النزاع في المسألة بهذه الطريقة على القول بالمجاز.
الثالث: أن مرجع النزاع في المسألة على هذا القول إلى تحديد مفاد القرينة العامة التي يعتمد عليها الشارع في استعمال هذه الألفاظ الخاصة في المعاني الشرعية مجازا، وتلك القرينة العامة متمثلة في استعمال الشارع هذه الألفاظ في النصوص الشرعية من الكتاب والسنة في المعاني المذكورة بما أنه شارع لا بما أنه متكلم عرفي أو لغوي، وهذه الجهة قرينة عامة على استعمال هذه الألفاظ في الكتاب والسنة في المعاني الشرعية مجازا دون المعاني اللغوية الحقيقية.
فإذن يقع الكلام في تحديد مدلول هذه القرينة العامة، فالصحيحي يدعي أن مدلولها هو استعمال تلك الألفاظ في الكتاب والسنة في الصحيحة، وإرادة الأعم أو الفاسدة منها بحاجة إلى قرينة خاصة، والأعمي يدعي أن مدلولها هو استعمالها فيهما في الأعم، وإرادة خصوص الصحيحة بحاجة إلى قرينة خاصة (1).
والخلاصة: أن القرينة العامة قائمة على أن هذه الألفاظ في الكتاب والسنة مستعملة في المعاني الشرعية كما إذا كانت موضوعة بإزائها، هذا مما لا إشكال فيه، والنزاع إنما هو في أن مقتضى هذه القرينة العامة هو استعمالها في الأعم، وإرادة الخاص في مورد بحاجة إلى قرينة خاصة أو بالعكس، فالقائلون بالأعم يدعون الأول، والقائلون بالصحيح يدعون الثاني.