حمل هذه الألفاظ على المعاني المذكورة، وهذا الأثر يحصل في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم وإن لم تسمى العلقة الحاصلة بينهما بالحقيقة الشرعية.
فالنتيجة أنه لا شبهة في حصول الوضع التعيني من مجموع استعماله صلى الله عليه وآله وسلم واستعمال تابعيه منذ أوائل البعثة، على أساس أن هذه الاستعمالات منهم مبنية على الاهتمام بتلك المعاني وترسيخها وتركيزها في الذهن، فلذلك تحصل الملازمة بين صورة هذه الألفاظ وصورة تلك المعاني في الذهن في فترة قصيرة.
وأما الكبرى فلأن استعمال هذه الألفاظ في تلك المعاني لما كان استعمالا في غير معناها الموضوع له فهو بحاجة إلى قرينة، ومن الواضح أن استعمال اللفظ مع القرينة في معنى مهما بلغ من الكثرة، فهي توجب حصول الأنس بينه وبين اللفظ المقترن بالقرينة، لا بينه وبين ذات اللفظ المستعمل فيه ولا تتواجد بينهما علقة، وإنما تتواجد بينه وبين اللفظ المقترن بالقرينة لا مطلقا ولو كان مجردا عنها، فإذن لا يمكن حصول الوضع التعيني من كثرة استعمال اللفظ في المعنى إذا كان الاستعمال مع القرينة، على أساس أن الأنس الحاصل منها المترسخ في الذهن والمتركز فيه إنما هو بين المعنى واللفظ المقترن بالقرينة لا مطلقا.
والجواب: أن الإشكال مبني على أن تكون القرينة كاللفظ عنصرا ثابتا محفوظا في تمام موارد الاستعمال، ولكن الأمر ليس كذلك، لأن القرينة عنوان انتزاعي وأفرادها تختلف في كل مورد عن مورد آخر، فإنها في مورد حالية، وفي آخر لفظية، وفي ثالث معنوية، وفي رابع ارتكازية وهكذا، والعنصر الثابت في تمام الموارد هو اللفظ، فإنه لا يختلف باختلافها، وعلى هذا فحيث إن عنصر القرينة ليس عنصرا ثابتا محفوظا في تمام الموارد وعنصر اللفظ عنصر ثابت محفوظ في كل الموارد، فبطبيعة الحال يوجب هذا حصول العلقة بين المعنى وذات