في سبيل استخراج الأحكام الشرعية من الكتاب والسنة، مضافا إلى أن مسلكه مبني على اسس وقوائم لم تكن معروفة عند غيره.
وأما الشاهد الثاني - أعني ما ذكره العلامة -: فهو أيضا لا يمت بصلة إلى مسلك الأخبارية المبتدع، بل هو راجع إلى مسألة خلافية بين علماء الإمامية منذ زمن بعيد؛ وهل أن الخبر الواحد حجة في الاصول كما هو حجة في الفروع أو لا؟ فالمحدثون والذين سبروا غور الأخبار، ذهبوا إلى القول الأول، والاصوليون الذين حكموا العقل في مجال العقائد قالوا بالثاني.
فالأخباري في كلام العلامة هو من يمارس الخبر ويدونه شأن كل محدث، لا من يسلك مسلك الأخباريين في استنباط الأحكام الشرعية.
إن هذه الفكرة الخاطئة الشاذة عن الكتاب والسنة وإجماع الأصحاب الأوائل، شغلت بال العلماء من أصحابنا ما يقرب من قرنين، وأضحت تلك البرهة فترة ركود الاصول وتألق نجم الأخبارية، فترى أن أكثر مؤلفاتهم تعلو عليها صبغة الأخبارية، وهم بين متطرف كالأمين الأسترآبادي، ومعتدل كالشيخ يوسف البحراني (ت 1186 ه) صاحب الحدائق الناضرة.
ومن سوء الحظ أن النزاع بين أصحاب المسلكين لم يقتصر على نطاق المحافل العلمية، بل تسرب إلى الأوساط العامة والمجتمعات، فاريقت دماء طاهرة، وهتكت أعراض من جراء ذلك، وقتل فيها الشيخ أبو أحمد الشريف محمد بن عبد النبي المحدث النيسابوري، المعروف بميرزا محمد الأخباري (1178 - 1233) لما تجاهر بذم الاصوليين قاطبة والنيل منهم، فلقي حتفه عند هجوم العامة عليه عن عمر يناهز 55 عاما.
بالرغم من الهجوم العنيف الذي شنه الأمين الأسترآبادي واتباعه على