فطبيعة الصلاة المتعلقة للأمر، تكون أجزاؤها وشرائطها مختلفة بحسب أحوال المكلفين؛ فالمختار لابد له من القيام والسجود والطهارة، والمضطر يتبدل قيامه بالقعود، وسجوده بالإيماء، وطهارته المائية بالترابية، مع أن الطبيعة هي المأمور بها في جميع الأحوال، والاختلاف إنما هو في مصاديقها وأفرادها التي لم يتعلق الأمر بها.
فالبحث هاهنا: في أن الإتيان بالطبيعة مع هذه الشرائط والأجزاء في حال الاضطرار، هل يجزي عن الأمر المتعلق بها، حتى لا يحتاج إلى الإعادة والقضاء إذا صار المكلف مختارا، أم لا؟
إذا عرفت ذلك، فيقع البحث في مقتضى الأوامر الاختيارية؛ وأن الإتيان بالفرد الاضطراري للطبيعة، هل يجزي عنها؛ بحيث يسقط الأمر المتعلق بها، أم لا، بل تدل الأوامر المتوجهة إلى الطبيعة، على لزوم الإتيان بالفرد الاختياري بعد الإتيان بالفرد الاضطراري؟ فلابد أولا من تنقيح موضوع البحث حتى يتضح الحكم.
فنقول: تارة يكون المكلف مختارا من أول الوقت إلى آخره، وتارة: يكون مضطرا كذلك، وتارة: يكون مختارا في بعضه، ومضطرا في بعض.
وعلى الأخير: تارة نقول بأن الاضطرار المأخوذ في الأدلة - من فقدان الماء، والعجز عن القيام، والتكتف حال التقية مثلا - هو الاضطرار المستوعب للوقت، وتارة نقول: إنه الاضطرار في كل وقت بالنسبة إلى الأداء.
وبعبارة اخرى: هو صرف وجود الاضطرار في كل وقت تحقق.
وما يكون موضوع الكلام في باب الإجزاء عن الإعادة، هو هذا الفرض الأخير، وأما الفروض الاخر فهي خارجة عن مورد البحث؛ أما الأولان فواضح.
وأما الثالث: فلأن المأتي به لم يكن فرد المأمور به؛ أي الفرد الاضطراري