20 - وفيه: أنه لو كان الوجوب المتعلق بشيء لأجل تحصيل غرض من قبيل الوجوب المقدمي، كانت جميع الوجوبات النفسية من قبيل المقدمي، وهو لا يلتزم به، فما نحن فيه من قبيل الوجوب النفسي، لا المقدمي، حتى يأتي فيه ما ذكر، وقد حققنا في محله ميزان النفسية والمقدمية. (مناهج الوصول 1: 308).
التحقيق: أنه فرق بين تبديل امتثال بامتثال وتبديل مصداق المأمور به بمصداق آخر ولو لم يكن امتثالا؛ فإن تبديل الامتثال يتوقف على تحقق امتثالين مترتبين؛ بمعنى أنه يكون للمولى أمر متعلق بطبيعة، فيمتثل المكلف ويبقى الأمر، ثم يمتثل ثانيا، ويجعل المصداق الثاني الذي تحقق به الامتثال بدل الأول الذي كان الامتثال تحقق به.
وأما تبديل مصداق المأمور به - الذي تحقق به الامتثال بمصداق آخر غير محقق للامتثال، لكن محصل للغرض اقتضاء مثل المصداق الأول أو بنحو أوفى - فهو لا يتوقف على بقاء الأمر، بل من قبيل تبديل مصداق المأمور به بمصداق آخر، لا بصفة كونه مأمورا به.
إذا عرفت ذلك فاعلم: أن محل كلام الأعلام إنما هو الأول؛ أي تبديل الامتثال بالامتثال، كما هو ظاهر العنوان، ولهذا تصدى المحقق الخراساني لإقامة البرهان على بقاء الأمر.
والتحقيق: عدم الإمكان مطلقا فيما هو محل كلامهم، والجواز فيما ذكرنا إذا لم يكن المصداق الأول علة تامة لحصول الغرض.
أما الثاني: فلحكم العقل بحسن تحصيل غرض المولى ولو لم يأمر به، ولزوم تحصيله إذا كان لازم التحصيل. ألا ترى أنه إذا وقع ابن المولى في هلكة، وغفل المولى عنه ولم يأمر عبده بإنجائه، لزم بحكم العقل عليه إنجاؤه، ولو تركه يستحق العقوبة؛ وذلك لأن الأمر وسيلة لتحصيل الغرض ولا موضوعية له، وبعد علم المكلف بغرض المولى لا يجوز له التقاعد عنه مع لزوم تحصيله.
وكذا لو كان له غرض غير لازم التحصيل ولم يأمر بتحصيله واطلع المكلف عليه، يحسن له تحصيله، ومعه يصير مأجورا عليه وموردا للعناية مع عدم كونه امتثالا، فلو أمره بإتيان الماء للشرب، فأتى بمصداق منه، ثم رأى مصداقا آخر أوفى بغرضه فأتى به؛ ليختار المولى أحبهما إليه، يكون ممتثلا بإتيان الأول لا غير، وموردا للعناية؛ لإتيانه ما هو أوفى بغرض المولى، لا لصدق الامتثال وتبديل الامتثال بالامتثال، وهذا واضح.
وأما عدم الإمكان فيما هو محل كلامهم؛ فلعدم تعقل بقاء الأمر مع الإتيان بمتعلقه بجميع الخصوصيات المعتبرة فيه؛ لعين ما ذكر من البرهان. (مناهج الوصول 1: 305 - 306).