يجب، فهو ظالم لا حق له انتهى. ولا يخفاك أن قضاة العدل وحكام الشرع الذين هم على الصفة التي قدمنا لك قريبا هم سلاطين الدين المترجمون عن الكتاب والسنة، المبينون للناس ما نزل إليهم. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: أتى قوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: يا رسول الله لو أمرتنا أن نخرج من أموالنا لخرجنا، فأنزل الله (وأقسموا بالله جهد أيمانهم) الآية. وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في الآية قال: ذلك في شأن الجهاد، قال: يأمرهم أن لا يحلفوا على شئ (طاعة معروفة) قال أمرهم أن يكون منهم طاعة معروفة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم من غير أن يقسموا. وأخرج ابن المنذر عن مجاهد (طاعة معروفة) يقول: قد عرفت طاعتهم: أي إنكم تكذبون به. وأخرج مسلم والترمذي وغيرهما عن علقمة بن وائل الحضرمي عن أبيه قال " قدم زيد بن أسلم على رسول الله صلى الله وآله وسلم فقال: أرأيت إن كان علينا أمراء يأخذون منا الحق ولا يعطونا؟ قال: فإنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم " وأخرج ابن جرير وابن قانع والطبراني عن علقمة بن وائل الحضرمي عن سلمة بن يزيد الجعفي قال: قلت يا رسول فذكر نحوه. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن الزبير عن جابر أنه سئل: إن كان علي إمام فاجر فلقيت معه أهل ضلالة أقاتل أم لا؟ قال: قاتل أهل الضلالة أينما وجدتهم، وعلى الإمام ما حمل وعليكم ما حملتم. وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن البراء في قوله (وعد الله الذين آمنوا منكم) الآية. قال: فينا نزلت ونحن في خوف شديد. وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه بمكة نحوا من عشر سنين يدعون إلى الله وحده وعبادته وحده لا شريك له سرا، وهم خائفون لا يؤمرون بالقتال، حتى أمروا بالهجرة إلى المدينة فقدموا المدينة، فأمرهم الله بالقتال، وكانوا بها خائفين يمسون في السلاح ويصبحون في السلاح، فغبروا بذلك ما شاء الله، ثم إن رجلا من أصحابه قال: يا رسول الله أبد الدهر نحن خائفون هكذا؟ ما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع فيه السلاح؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: لن تغبروا إلا يسيرا حتى يجلس الرجل منكم في الملأ العظيم محتبيا ليست فيهم حديدة، فأنزل الله (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض) إلى آخر الآية، فأظهر الله نبيه صلى الله عليه وآله وسلم على جزيرة العرب، فأمنوا ووضعوا السلاح. ثم إن الله قبض نبيه فكانوا كذلك آمنين في إمارة أبى بكر وعمر وعثمان حتى وقعوا فيما وقعوا وكفروا النعمة، فأدخل الله عليهم الخوف الذي كان رفع عنهم، واتخذوا الحجر والشرط، وغيروا فغير ما بهم. وأخرج ابن المنذر والطبراني في الأوسط والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل والضياء في المختارة عن أبي بن كعب قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المدينة وآوتهم الأنصار رمتهم العرب عن قوس واحد، فكانوا لا يبيتون إلا في السلاح ولا يصبحون إلا فيه، فقالوا: أترون أنا نعيش حتى نبيت آمنين مطمئنين لا نخاف إلا الله، فنزلت (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات) الآية. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس (يعبدونني لا يشركون بي شيئا) قال: لا يخافون أحدا غيري. وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد مثله، قال (ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون) العاصون.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية قال: كفر بهذه النعمة، ليس الكفر بالله. وأخرج عبد بن حميد عن قتادة (معجزين في الأرض) قال: سابقين في الأرض.