أي سار في منازله، فإذا كان في آخرها دق واستقوس وصغر حتى صار كالعرجون القديم، وعلى هذا فالنون زائدة. قال قتادة: وهو العذق اليابس المنحني من النخلة. قال ثعلب: العرجون الذي يبقى في النخلة إذا قطعت، والقديم: البالي. وقال الخليل: العرجون أصل العذق وهو أصفر عريض، يشبه به الهلال إذا انحنى، وكذا قال الجوهري: إنه أصل العذق الذي يعوج ويقطع منه الشماريخ، فيبقى على النخل يابسا، وعرجته: ضربته بالعرجون، وعلى هذا فالنون أصلية. قرأ الجمهور " العرجون " بضم العين والجيم: وقرأ سليمان التيمي بكسر العين وفتح الجيم، وهما لغتان، والقديم: العتيق (لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر) الشمس مرفوعة بالابتداء، لأنه لا يجوز أن تعمل لا في المعرفة: أي لا يصح ولا يمكن للشمس أن تدرك القمر في سرعة السير وتنزل في المنزل الذي فيه القمر، لأن لكل واحد منهما سلطانا على انفراده، فلا يتمكن أحدهما من الدخول على الآخر، فيذهب سلطانه إلى أن يأذن الله بالقيامة، فتطلع الشمس من مغربها. وقال الضحاك: معناه إذا طلعت الشمس لم يكن للقمر ضوء، وإذا طلع القمر لم يكن للشمس ضوء. وقال مجاهد: أي لا يشبه ضوء أحدهما ضوء الآخر. وقال الحسن: إنهما لا يجتمعان في السماء ليلة الهلال خاصة، وكذا قال يحيى بن سلام. وقيل معناه: إذا اجتمعا في السماء كان أحدهما بين يدي الآخر في منزل لا يشتركان فيه. وقيل القمر في سماء الدنيا، والشمس في السماء الرابعة. ذكره النحاس والمهدوي. قال النحاس: وأحسن ما قيل في معناه وأبينه: أن سير القمر سير سريع، والشمس لا تدركه في السير. وأما قوله - وجمع الشمس والقمر - فذلك حين حبس الشمس عن الطلوع على ما تقدم بيانه في الأنعام، ويأتي في سورة القيامة أيضا، وجمعهما علامة لانقضاء الدنيا وقيام الساعة (ولا الليل سابق النهار) أي لا يسبقه فيفوته، ولكن يعاقبه. ويجيء كل واحد منهما في وقته ولا يسبق صاحبه، وقيل المراد من الليل والنهار آيتاهما، وهما الشمس والقمر، فيكون عكس قوله (لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر) أي ولا القمر سابق الشمس، وإيراد السبق مكان الإدراك لسرعة سير القمر (وكل في فلك يسبحون) التنوين في كل عوض عن المضاف إليه: أي وكل واحد منهما، والفلك: هو الجسم المستدير أو السطح المستدير أو الدائرة، والخلاف في كون السماء مبسوطة أو مستديرة معروف، والسبح: السير بانبساط وسهولة، والجمع في قوله (يسبحون) باعتبار اختلاف مطالعهما، فكأنهما متعددان بتعددها، أو المراد: الشمس والقمر والكواكب.
وقد أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله (وما أنزلنا على قومه من بعده) الآية يقول:
ما كابدناهم بالجموع: أي الأمر أيسر علينا من ذلك. وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (يا حسرة على العباد) يقول: يا ويلا للعباد. وأخرج ابن أبي حاتم عنه في قوله: يا حسرة على العباد قال: الندامة على العباد الذين (ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون) يقول: الندامة عليهم يوم القيامة. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله (وما عملته أيديهم) قال: وجدوه معمولا لم تعمله أيديهم: يعني الفرات ودجلة ونهر بلخ وأشباهها (أفلا يشكرون) لهذا. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي ذر قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن قوله (والشمس تجري لمستقر لها) قال: مستقرها تحت العرش، وفي لفظ للبخاري وغيره من حديثه قال: " كنت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المسجد عند غروب الشمس فقال: (يا أبا ذر أتدري أين تغرب الشمس؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: إنها تذهب حتى تسجد تحت العرش، فذلك قوله (والشمس تجري لمستقر لها) ". وفي لفظ من حديثه أيضا عند أحمد والترمذي والنسائي وغيرهم قال: يا أبا ذر أتدري أين تذهب هذه؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنها تذهب حتى تسجد بين يدي ربها فتستأذن في الرجوع فيأذن