الواسعات، يقال سبغ الدرع والثوب وغيرهما: إذا غطى كل ما هو عليه وفضل منه فضلة (وقدر في السرد) السرد نسج الدروع، ويقال السرد والزرد كما يقال السراد والزراد لصانع الدروع، والسرد أيضا الخرز، يقال سرد يسرد: إذا خرز، ومنه سرد الكلام: إذا جاء به متواليا، ومنه حديث عائشة لم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم يسرد الحديث كسردكم. قال سيبويه: ومنه سريد: أي جري، ومعنى سرد الدروع إحكامها، وأن يكون نظام حلقها ولاء غير مختلف، ومنه قول لبيد:
سرد الدروع مضاعفا أسراده * لينال طول العيش غير مروم وقول أبي ذؤيب الهذلي:
وعليهما مسرودتان قضاهما * داود إذ صنع السوابغ تبع قال قتادة: كانت الدروع قبل داود ثقالا، فلذلك أمر هو بالتقدير فيما يجمع الخفة والحصانة: أي قدر ما تأخذ من هذين المعنيين بقسطه فلا تقصد الحصانة فيثقل ولا الخفة فيزيل المنعة، وقال ابن زيد: التقدير الذي أمر به هو في قدر الحلقة: أي لا تعملها صغيرة فتضعف ولا يقوى الدرع على الدفاع، ولا تعملها كبيرة فتثقل على لابسها. وقيل إن التقدير هو في المسمار: أي لا تجعل مسمار الدرع دقيقا فيقلق ولا غليظا فيفصم الحلق. ثم خاطب داود وأهله فقال (واعملوا صالحا) أي عملا صالحا كما في قوله - اعملوا آل داود شكرا - ثم علل الأمر بالعمل الصالح بقوله (إني بما تعملون بصير) أي لا يخفى على شئ من ذلك (ولسليمان الريح) قرأ الجمهور " الريح " بالنصب على تقدير: وسخرنا لسليمان الريح كما قال الزجاج، وقرأ عاصم في رواية أبي بكر عنه بالرفع على الابتداء والخبر: أي ولسليمان الريح ثابتة أو مسخرة، وقرأ الجمهور " الريح " وقرأ الحسن وأبو حيوة وخالد ابن إلياس " الرياح " بالجمع (غدوها شهر ورواحها شهر) أي تسير بالغداة مسيرة شهر وتسير بالعشي كذلك، والجملة إما مستأنفة لبيان تسخير الريح، أو في محل نصب على الحال، والمعنى: أنها كانت تسير في اليوم الواحد مسيرة شهرين. قال الحسن: كان يغدو من دمشق فيقيل بإصطخر، وبينهما مسيرة شهر للمسرع، ثم يروح من إصطخر فيبيت بكابل، وبينهما مسيرة شهر (وأسلنا له عين القطر) القطر: النحاس الذائب. قال الواحدي:
قال المفسرون: أجريت له عين الصفر ثلاثة أيام بلياليهن كجري الماء، وإنما يعمل الناس اليوم بما أعطى سليمان، والمعنى: أسلنا له عين النحاس كما ألنا الحديد لداود، وقال قتادة: أسال الله له عينا يستعملها فيما يريد (ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه) من مبتدأ ويعمل خبره ومن الجن متعلق به أو بمحذوف على أنه حال، أو من يعمل معطوف على الريح ومن الجن حال، والمعنى: وسخرنا له من يعمل بين يديه حال كونه من الجن بإذن ربه:
أي بأمره. والإذن مصدر مضاف إلى فاعله، والجار والمجرور في محل نصب على الحال: أي مسخرا أو ميسرا بأمر ربه (ومن يزغ منهم عن أمرنا) أي ومن يعدل من الجن عن أمرنا الذي أمرنا به: وهو طاعة سليمان (نذقه من عذاب السعير) قال أكثر المفسرين: وذلك في الآخرة، وقيل في الدنيا. قال السدي: وكل الله بالجن ملكا بيده سوط من نار، فمن زاغ عن أمر سليمان ضربه بذلك السوط ضربة فتحرقه. ثم ذكر سبحانه ما يعمله الجن لسليمان فقال (يعملون له ما يشاء) و " من " في قوله (من محاريب) للبيان، والمحاريب في اللغة كل موضع مرتفع وهي الأبنية الرفيعة والقصور العالية. قال المبرد: لا يكون المحراب إلا أن يرتقى إليه بدرج، ومنه قيل للذي يصلي فيه محراب لأنه يرفع ويعظم. وقال مجاهد: المحاريب دون القصور. وقال أبو عبيدة: المحراب أشرف بيوت الدار، ومنه قول الشاعر: