المذكورين في الآية هم علي وفاطمة والحسن والحسين خاصة، ومن حججهم الخطاب في الآية بما يصلح للذكور لا للإناث، وهو قوله " عنكم وليطهركم " ولو كان للنساء خاصة لقال عنكن ويطهركن. وأجاب الأولون عن هذا أن التذكير باعتبار لفظ الأهل كما قال سبحانه - أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت - وكما يقول الرجل لصاحبه: كيف أهلك؟ يريد زوجته أو زوجاته، فيقول: هم بخير.
ولنذكر ههنا ما تمسك به كل فريق: أما الأولون فتمسكوا بالسياق، فإنه في الزوجات كما ذكرنا، وبما أخرجه ابن أبي حاتم وابن عساكر من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) قال: نزلت في نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم خاصة. وقال عكرمة: من شاء باهلته أنها نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وأخرج نحوه ابن مردويه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس.
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن عكرمة نحوه. وأخرج ابن سعد عن عروة نحوه.
وأما ما تمسك به الآخرون، فأخرج الترمذي وصححه وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه من طرق عن أم سلمة قالت: في بيتي نزلت (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) وفي البيت فاطمة وعلي الحسن والحسين، فجللهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بكساء كان عليه، ثم قال: " هؤلاء أهل بيتي، فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ". وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن أم سلمة أيضا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان في بيتها على منامة له عليه كساء خيبري، فجاءت فاطمة ببرمة فيها خزيرة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " ادعي زوجك وابنيك حسنا وحسينا فدعتهم، فبينما هم يأكلون إذ نزلت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) فأخذ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بفضلة كسائه فغشاهم إياها، ثم أخرج يده من الكساء وألوى بها إلى السماء، ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، قالها ثلاث مرات. قالت أم سلمة: فأدخلت رأسي في الستر فقلت: يا رسول الله وأنا معكم؟ فقال:
إنك إلى خير مرتين ". وأخرجه أيضا أحمد من حديثها قال: حدثنا عبد الله بن نمير. حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رياح، حدثني من سمع أم سلمة تذكر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فذكره. وفي إسناده مجهول وهو شيخ عطاء، وبقية رجاله ثقات. وقد أخرجه الطبراني عنها من طريقين بنحوه. وقد ذكر ابن كثير في تفسيره لحديث أم سلمة طرقا كثيرة في مسند أحمد وغيره. وأخرج ابن مردويه والخطيب من حديث أبي سعيد الخدري نحوه. وأخرج الترمذي وابن جرير والطبراني وابن مردويه عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لما نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وآله وسلم (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) وذكر نحو حديث أم سلمة. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم عن عائشة قالت: " خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم غداة وعليه مرط مرجل من شعر أسود، فجاء الحسن والحسين فأدخلهما معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها معه، ثم جاء علي فأدخله معه، ثم قال (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) ". وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن واثلة بن الأسقع قال " جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى فاطمة ومعه علي وحسن وحسين حتى دخل، فأدنى عليا وفاطمة وأجلسهما بين يديه، وأجلس حسنا وحسينا كل واحد منهما على فخذه، ثم لف عليهم ثوبه وأنا مستدبرهم، ثم تلا هذه الآية (إنما يريد الله ليذهب عنكم