وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل وابن عساكر من طرق عن حذيفة قال: لقد رأيتنا ليلة الأحزاب ونحن صافون قعود وأبو سفيان ومن معه من الأحزاب فوقنا، وقريظة اليهود أسفل منا، نخافهم على ذرارينا، وما أتت علينا ليلة قط أشد ظلمة ولا أشد ريحا في أصوات ريحها أمثال الصواعق، وهى ظلمة ما يرى أحد منا أصبعه، فجعل المنافقون يستأذنون رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم و (يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة) فما يستأذن أحد منهم إلا أذن له، فيتسللون ونحن ثلاثمائة، أو نحو ذلك إذ استقبلنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجلا رجلا حتى مر علي وما علي جنة من العدو ولا من البرد إلا مرط لامرأتي ما يجاوز ركبتي، فأتاني وأنا جاث على ركبتي فقال: من هذا؟ فقلت حذيفة، قال حذيفة، فتقاصرت إلى الأرض، فقلت بلى يا رسول الله كراهية أن أقوم، قال: قم فقمت، فقال: إنه كان في القوم خبر، فأتني بخبر القوم، قال: وأنا من أشد القوم فزعا وأشدهم قرا، فخرجت فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته، قال: فوالله ما خلق الله فزعا ولا قرا في جوفي إلا خرج من جوفي، فما أجد منه شيئا، فلما وليت قال: يا حذيفة لا تحدثن في القوم شيئا حتى تأتيني، فخرجت حتى إذا دنوت من عسكر القوم نظرت في ضوء نار لهم توقد، وإذا رجل أدهم ضخم يقول بيده على النار ويمسح خاصرته ويقول:
الرحيل الرحيل، ثم دخلت العسكر، فإذا أدنى الناس مني بنو عامر يقولون: يا آل عامر الرحيل الرحيل لا مقام لكم، وإذا الريح في عسكرهم ما تجاوز شبرا، فوالله إني لأسمع صوت الحجارة في رحالهم وفرشهم الريح تضربهم، ثم خرجت نحو النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلما انتصفت في الطريق أو نحو ذلك إذا أنا بنحو من عشرين فارسا معتمين فقالوا: أخبر صاحبك أن الله كفاه القوم، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرته وهو مشتمل في شملة يصلي، وكان إذا حزبه أمر صلى، فأخبرته خبر القوم أنى تركتهم يترحلون، وأنزل الله (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود) الآية. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله (إذ جاءتكم جنود) قال: كان يوم أبي سفيان يوم الأحزاب.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم في الكنى وأبو الشيخ وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس قال: لما كان ليلة الأحزاب جاءت الشمال إلى الجنوب، فقالت: انطلقي فانصري الله ورسوله، فقالت الجنوب:
إن الحرة لا تسري بالليل، فغضب الله عليها وجعلها عقيما، فأرسل عليهم الصبا، فأطفأت نيرانهم وقطعت أطنابهم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور " فذلك قوله (فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها). وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور ". وأخرج البخاري وغيره عن عائشة في قوله (إذ جاءوكم من فوقكم) الآية قالت: كان ذلك يوم الخندق، وفي الباب أحاديث في وصف هذه الغزوة وما وقع فيها، وقد اشتملت عليها كتب الغزوات والسير. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " أمرت بقرية تأكل القرى يقولون يثرب، وهي المدينة تنفي البأس كما ينفي الكير خبث الحديد ". وأخرج أحمد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " من سمى المدينة يثرب فليستغفر الله، هي طابة هي طابة هي طابة " ولفظ أحمد " إنما هي طابة " وإسناده ضعيف. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس مرفوعا نحوه. وأخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن