واختلف في معنى قوله " تكلمهم " فقيل: تكلمهم ببطلان الأديان سوى دين الإسلام وقيل تكلمهم بما يسوؤهم وقيل تكلمهم بقوله تعالى (أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون) أي بخروجها لأن خروجها من الآيات. قرأ الجمهور " تكلمهم " من التكليم، ويدل عليه قراءة أبي " تنبئهم " وقرأ ابن عباس وأبو زرعة وأبو رجاء والحسن:
تكلمهم بفتح الفوقية وسكون الكاف من الكلم، وهو الجرح. قال عكرمة: أي تسمهم وسما، وقيل تجرحهم، وقيل إن قراءة الجمهور مأخوذة من الكلم بفتح الكاف وسكون اللام وهو الجرح والتشديد للتكثير، قاله أبو حاتم.
قرأ الجمهور: إن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون بكسر إن على الاستئناف، وقرأ الكوفيون وابن أبي إسحاق بفتح " أن " قال الأخفش: المعنى على قراءة الفتح " بأن الناس " وكذا قرأ ابن مسعود " بأن الناس " بالباء. وقال أبو عبيد: موضعها نصب بوقوع الفعل عليها: أي تخبرهم أن الناس، وعلى هذه القراءة فالذي تكلم الناس به هو قوله " أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون " كما قدمنا الإشارة إلى ذلك. وأما على قراءة الكسر فالجملة مستأنفة كما قدمنا، ولا تكون من كلام الدابة. وقد صرح بذلك جماعة من المفسرين، وجزم به الكسائي والفراء. وقال الأخفش: إن كسر " إن " هو على تقدير القول أي تقول لهم " إن الناس " الخ، فيرجع معنى القراءة الأولى على هذا إلى معنى القراءة الثانية، والمراد بالناس في الآية: هم الناس على العموم، فيدخل في ذلك كل مكلف، وقيل المراد الكفار خاصة، وقيل كفار مكة، والأول أولى.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (عسى أن يكون ردف لكم) قال:
اقترب لكم. وأخرج ابن أبي حاتم عنه (وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون) قال: يعلم ما عملوا بالليل والنهار. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه أيضا (وما من غائبة) الآية يقول: ما من شئ في السماء والأرض سرا ولا علانية إلا يعلمه. وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة ونعيم بن حماد وعبد ابن حميد وابن أبي الدنيا وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه عن ابن عمر في قوله (وإذا وقع القول عليهم) الآية قال: إذا لم يأمروا بمعروف ولم ينهوا عن منكر. وأخرجه ابن مردويه عنه مرفوعا. وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي العالية أنه فسر (وقع القول عليهم) بما أوحى إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (دابة من الأرض تكلمهم) قال: تحدثهم.
وأخرج ابن جرير عنه قال كلامها تنبئهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي داود نفيع الأعمى قال: سألت ابن عباس عن قوله (تكلمهم) يعني هل هو من التكليم باللسان أو من الكلم وهو الجرح، فقال: كل ذلك والله تفعل تكلم المؤمن وتكلم الكافر: أي تجرحه. وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن ابن عمر في الآية قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " ليس ذلك حديث ولا كلام، ولكنها سمة تسم من أمرها الله به فيكون خروجها من الصفا ليلة منى، فيصبحون بين رأسها وذنبها لا يدحض داحض ولا يجرح جارح، حتى إذا فرغت مما أمرها الله به فهلك من هلك ونجا من نجا، كان أول خطوة تضعها بأنطاكية ". وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال: الدابة ذات وبر وريش مؤلفة فيها من كل لون، لها أربع قوائم تخرج بعقب من الحاج. وأخرج أحمد وابن مردويه عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " تخرج الدابة فتسم على خراطيمهم، ثم يعمرون فيكم حتى يشتري الرجل الدابة، فيقال له ممن اشتريتها؟ فيقول:
من الرجل المخطم ". وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس " إن للدابة ثلاث خرجات "، وذكر نحو ما قدمنا.
. وأخرج ابن مردويه عن حذيفة بن أسيد رفعه قال " تخرج الدابة من أعظم المساجد حرمة ". وأخرج سعيد