المؤمنين: أنهم أول من آمن من قوم فرعون بعد ظهور الآية. وقال الفراء: أول مؤمني زمانهم، وأنكره الزجاج، وقال قد روى أنه آمن معهم ستمائة ألف وسبعون ألفا، وهم الشرذمة القليلون الذين عناهم فرعون بقوله - إن هؤلاء لشرذمة قليلون -.
وقد أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله (فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين) يقول: مبين له خلق حية (ونزع يده) يقول. وأخرج موسى يده من جيبه (فإذا هي بيضاء) تلمع (للناظرين) لمن ينظر إليها ويراها.
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله (وقيل للناس هل أنتم مجتمعون) قال: كانوا بالإسكندرية. قال: ويقال بلغ ذنب الحية من وراء البحيرة يومئذ. قال: وهربوا وأسلموا فرعون وهمت به فقال خذها يا موسى، وكان مما بلى الناس به منه أنه كان لا يضع على الأرض شيئا: أي يوهمهم أنه لا يحدث فأحدث يومئذ تحته. وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله (لا ضير) قال: يقولون لا يضيرنا الذي تقول وإن صنعت بنا وصلبتنا (إنا إلي ربنا منقلبون) يقولون: إنا إلى ربنا راجعون وهو مجازينا بصبرنا على عقوبتك إيانا وثباتنا على توحيده والبراءة من الكفر، وفي قوله (أن كنا أول المؤمنين) قالوا كانوا كذلك يومئذ أول من آمن بآياته حين رأوها.
قوله (أن أسر بعبادي) أمر الله سبحانه موسى أن يخرج ببني إسرائيل ليلا، وسماهم عباده لأنهم آمنوا بموسى وبما جاء به، وقد تقدم تفسير مثل هذا في سورة الأعراف، وجملة (إنكم متبعون) تعليل للأمر المتقدم: أي يتبعكم فرعون وقومه ليردوكم، و (فأرسل فرعون في المدائن حاشرين) وذلك حين بلغه مسيرهم، والمراد بالحاشرين الجامعون للجيش من الأمكنة التي فيها أتباع فرعون. ثم قال فرعون لقومه بعد اجتماعهم لديه (إن هؤلاء لشرذمة قليلون) يريد بني إسرائيل، والشرذمة الجمع الحقير القليل والجمع شراذم: قال الجوهري: الشرذمة الطائفة من الناس والقطعة من الشئ، وثوب شراذم: أي قطع، ومنه قول الشاعر:
جاء الشتاء وقميصي أخلاق * شراذم يضحك منها الخلاق قال الفراء: يقال عصبة قليلة وقليلون وكثيرة وكثيرون. قال المبرد: الشرذمة القطعة من الناس غير الكثير