أحوالا متداخلة (وباركنا عليه وعلى إسحاق) أي على إبراهيم وعلى إسحاق بمرادفة نعم الله عليهما، وقيل كثرنا ولدهما وقيل إن الضمير في عليه يعود إلى إسماعيل وهو بعيد، وقيل المراد بالمباركة هنا: هي الثناء الحسن عليهما إلى يوم القيامة (ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين) أي محسن في عمله بالإيمان والتوحيد، وظالم لها بالكفر والمعاصي لما ذكر سبحانه البركة في الذرية بين أن كون الذرية من هذا العنصر الشريف والمحتد المبارك ليس بنافع لهم، بل إنما ينتفعون بأعمالهم، لا بآبائهم، فإن اليهود والنصارى وإن كانوا من ولد إسحاق فقد صاروا إلى ما صاروا إليه من الضلال البين، والعرب وإن كانوا من ولد إسماعيل فقد ماتوا على الشرك إلا من أنقذه الله بالإسلام.
وقد أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله (وجعلنا ذريته هم الباقين) يقول: لم يبق إلا ذرية نوح (وتركنا عليه في الآخرين) يقول: يذكر بخير. وأخرج الترمذي وحسنه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله (وجعلنا ذريته هم الباقين) قال: حام وسام ويافث. وأخرج ابن سعد وأحمد والترمذي وحسنه وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن سمرة أيضا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " سام أبو العرب، وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم " والحديثان هما من سماع الحسن عن سمرة، وفي سماعه منه مقال معروف، وقد قيل إنه لم يسمع منه إلا حديث العقيقة فقط وما عداه فبواسطة. قال ابن عبد البر: وقد روي عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثله. وأخرج البزار وابن أبي حاتم والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " ولد نوح ثلاثة: سام وحام ويافث، فولد سام العرب وفارس والروم والخير فيهم، وولد يافث يأجوج ومأجوج والترك والصقالبة ولا خير فيهم، وولد حام القبط والبربر والسودان " وهو من حديث إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عنه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (وإن من شيعته لإبراهيم) قال: من أهل دينه. وأخرج عبد بن حميد عنه في قوله (إني سقيم) قال: مريض. وأخرج ابن جرير عنه أيضا قال: مطعون. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله (فأقبلوا إليه يزفون) قال: يخرجون. وأخرج ابن المنذر عنه أيضا في قوله (قال إني ذاهب إلى ربي) قال: حين هاجر. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا (فلما بلغ معه السعي) قال:
العمل. وأخرج الطبراني عنه أيضا قال: لما أراد إبراهيم أن يذبح إسحاق قال لأبيه: إذا ذبحتني فاعتزل لا أضطرب فينتضح عليك دمي فشده، فلما أخذ الشفرة وأراد أن يذبحه نودي من خلفه (أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا) وأخرج أحمد عنه أيضا مرفوعا مثله مع زيادة. وأخرجه عنه موقوفا. وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه من طريق مجاهد عنه أيضا في قوله (وإن من شيعته لإبراهيم) قال: من شيعة نوح على منهاجه وسننه (فلما بلغ معه السعي) قال شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل (فلما أسلما) سلما ما أمر به (وتله) وضع وجهه إلى الأرض، فقال لا تذبحني وأنت تنظر عسى أن ترحمني، فلا تجهز علي، وأن أجزع فأنكص فامتنع منك، ولكن اربط يدي إلى رقبتي ثم ضع وجهي إلى الأرض، فلما أدخل يده ليذبحه فلم تحل المدية حتى نودي: أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا فأمسك يده، قوله (وفديناه بذبح عظيم) بكبش عظيم متقبل، وزعم ابن عباس أن الذبيح إسماعيل. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " رؤيا الأنبياء وحي " وأخرجه البخاري وغيره من قول عبيد بن عمير واستدل بهذه الآية. وأخرج ابن جرير والحاكم من طريق عطاء ابن أبي رباح عن ابن عباس قال: المفدى إسماعيل، وزعمت اليهود أنه إسحاق وكذبت اليهود. وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق الشعبي عن ابن عباس قال: الذبيح إسماعيل.